دخول
بحـث
المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر شعبية
المواضيع الأكثر نشاطاً
امهات المؤمنين زوجات الرسول الكريم
صفحة 1 من اصل 1
امهات المؤمنين زوجات الرسول الكريم
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
إسلام خديجة
*******
وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب )000
فضل خديجة
********
جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال :( إن الله يقرأ على خديجة السلام )000فقالت :( إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله )000
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( خيرُ نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة )000
عام المقاطعة
**********
ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها000وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى000
عام الحزن
*******
وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها- ، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب ، لهذا كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن000
الوفاء
***
قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة :( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ، فقلت :( هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها )000فغضب ثم قال :( لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء )000قالت عائشة :( فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً )000
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
(( خديجة بنت خويلد))
أم المؤمنين
*****
لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم "
" على نساء العالمين
(حديث شريف)
والله ما أبدلني الله خيراً منها000قد آمنت بي إذ كفر بي الناس
وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس
ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس000
(حديث شريف)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة000
بداية التعارف
********
كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام000وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة :( من هذا الرجل ؟)000 فأجابه :( رجل من قريش من أهل الحرم )000فقال الراهب :( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )000
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره000ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف000
الخطبة و الزواج
**********
وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له :( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك )000ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له :( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك )000ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة ، فأرسل الى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب000
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال :( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )000
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا :( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )000
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال :( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد )000وشهـد على ذلك صناديـد قريـش000
الذرية الصالحة
*********
تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم -وبه كان يكنى- ، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام000فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-000
إسلام خديجة
*******
وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب )000
فضل خديجة
********
جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال :( إن الله يقرأ على خديجة السلام )000فقالت :( إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله )000
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( خيرُ نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة )000
عام المقاطعة
**********
ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها000وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى000
عام الحزن
*******
وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها- ، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب ، لهذا كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن000
الوفاء
***
قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة :( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ، فقلت :( هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها )000فغضب ثم قال :( لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء )000قالت عائشة :( فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً )000
سَوْدَة بنت زَمْعَة
(( سَوْدَة بنت زَمْعَة))
أم المؤمنين
*******
يا رسول الله ! ما لي رغبة في الدنيا ، إلا لأحشر "
" يوم القيامة في أزواجك ، فيكون لي من الثواب ما لهنّ
سودة بنت زمعة
سودة بنت زمعـة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل
ا
بن عامر بن لؤي القرشيـة ، أم المؤمنيـن ، تزوّجها الرسول -صلى الله عليه
وسلم- بعد خديجة وقبل عائشة000أسلمت بمكة وهاجرت هي وزوجها الى الحبشة
في الهجرة الثانية ومات زوجها هناك000
قصة الزواج
*******
بعد وفاة السيـدة خديجـة بثـلاث سنيـن قالت خولة بنت حكيم للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة :( ألا تتزوج ؟)000فقال :( ومن ؟)000فقالت :( إن شئـت بكراً وإن شئـت ثيباً !؟)000قال :( من البكر ؟)000 قالت :( ابنة أحـبِّ خلق الله إليك ، عائشة بنت أبي بكر ؟)000قال :( ومن الثيب ؟)000قالت :( سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه )000قال :( فاذهبي فاذكريهما عليّ )000
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر ، ثم خرجت فدخلت على سودة فقالت :( أي سودة ! ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟!)000قالت :( وما ذاك ؟)000قالت :( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبك عليه ؟!)000فقالت :( وددتُ ، ادخلي على أبي فاذكري له ذلك )000وكان والدها شيخ كبير ، فدخلت عليه فحيته بتحية أهـل الجاهلية ثم قالت :( إن محمـد بن عبد الله بن عبـد المطلـب أرسلني أخطـب عليه سودة ؟)000 قال :( كفء كريم ، فماذا تقول صاحبته ؟)000قالت :( تحب ذلك )000قال :( ادعيها إليّ )000فدُعيَت له000فقال :( أيْ سودة ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك ، وهو كفء كريم ، أفتحبين أن أزوِّجْكِهِ ؟)000قالت :( نعم )000فقال :( فادعيه لي )000فدعته وجاء فزوّجه000
سودة والنبي
********
كانت السيدة سودة مصبية ، فقد كان لها خمس صبية أو ست من بعلها مات ( السكران بن عمرو )000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( ما يمنعُك مني ؟)000قالت :( والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحبَّ البرية إلي ، لكني أكرمك ، أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بُكرة وعشية )000فقال -صلى الله عليه وسلم- :( فهل منعك مني غير ذلك ؟)000قالت :( لا والله )000قال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( يرحمك الله ، إن خيرَ نساءٍ ركبنَ أعجاز الإبل ، صالحُ نساءِ قريشِ أحناه على ولده في صغره ، وأرعاه على بعل بذات يده )000
سودة الزوجة
********
أرضى الزواج السيدة سودة -رضي الله عنها- ، وأخذت مكانها الرفيع في بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحرصت على خدمة بناته الكريمات ، سعيدة يملأ نفسها الرضا والسرور000وكان يسعدها أن ترى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبتسم من مشيتها المتمايلة من ثِقَل جسمها ، الى جانب ملاحة نفسها وخفّة ظلها
الضرائر
*****
بعد الهجرة الى المدينة جاءت عائشة بنت أبي بكر زوجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فأفسحت السيدة سودة المجال للعروس الشابة وحرصت على إرضائها والسهر على راحتها000ثم خصّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكل زوجة بيت خاصٍ بها ، وأتت زوجات جديدات الى بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن لم تتردد السيدة سودة في إيثار السيدة عائشة بإخلاصها ومودتها000
التسريح
*******
عندما بدأت السيدة سودة تشعر بالشيخوخة تدب في جسدها الكليل ، وأنها تأخذ ما لا حق لها فيه في ليلة تنتزعها من بين زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنها غير قادرة على القيام بواجب الزوجية ، سرّحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنها لم تقبل بأن تعيش بعيدا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجمعت ثيابها وجلست في طريقه الذي يخرج منه للصلاة ، فلما دنا بكت وقالت :( يا رسول الله ، هل غمصتَ عليَّ في الإسلام ؟)000فقال :( اللهم لا )000قالت :( فإني أسألك لما راجعتني )000فراجعها ، وعندما حققت مطلبها قالت :( يا رسول الله ، يومي لعائشة في رضاك ، لأنظر الى وجهك ، فوالله ما بي ما تريد النساء ، ولكني أحب أن يبعثني الله في نسائك يوم القيامة )000وهكذا حافظت على صحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة000
وفاتها
*****
توفيـت -رضي الله عنها- في آخر زمان عمـر بن الخطـاب000وبقيت السيدة عائشـة تذكرها وتؤثرها بجميل الوفاء والثناء الحسن في حياتها وبعد مماتها -رضي الله عنهما
أم المؤمنين
*******
يا رسول الله ! ما لي رغبة في الدنيا ، إلا لأحشر "
" يوم القيامة في أزواجك ، فيكون لي من الثواب ما لهنّ
سودة بنت زمعة
سودة بنت زمعـة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل
ا
بن عامر بن لؤي القرشيـة ، أم المؤمنيـن ، تزوّجها الرسول -صلى الله عليه
وسلم- بعد خديجة وقبل عائشة000أسلمت بمكة وهاجرت هي وزوجها الى الحبشة
في الهجرة الثانية ومات زوجها هناك000
قصة الزواج
*******
بعد وفاة السيـدة خديجـة بثـلاث سنيـن قالت خولة بنت حكيم للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة :( ألا تتزوج ؟)000فقال :( ومن ؟)000فقالت :( إن شئـت بكراً وإن شئـت ثيباً !؟)000قال :( من البكر ؟)000 قالت :( ابنة أحـبِّ خلق الله إليك ، عائشة بنت أبي بكر ؟)000قال :( ومن الثيب ؟)000قالت :( سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه )000قال :( فاذهبي فاذكريهما عليّ )000
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر ، ثم خرجت فدخلت على سودة فقالت :( أي سودة ! ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟!)000قالت :( وما ذاك ؟)000قالت :( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبك عليه ؟!)000فقالت :( وددتُ ، ادخلي على أبي فاذكري له ذلك )000وكان والدها شيخ كبير ، فدخلت عليه فحيته بتحية أهـل الجاهلية ثم قالت :( إن محمـد بن عبد الله بن عبـد المطلـب أرسلني أخطـب عليه سودة ؟)000 قال :( كفء كريم ، فماذا تقول صاحبته ؟)000قالت :( تحب ذلك )000قال :( ادعيها إليّ )000فدُعيَت له000فقال :( أيْ سودة ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك ، وهو كفء كريم ، أفتحبين أن أزوِّجْكِهِ ؟)000قالت :( نعم )000فقال :( فادعيه لي )000فدعته وجاء فزوّجه000
سودة والنبي
********
كانت السيدة سودة مصبية ، فقد كان لها خمس صبية أو ست من بعلها مات ( السكران بن عمرو )000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( ما يمنعُك مني ؟)000قالت :( والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحبَّ البرية إلي ، لكني أكرمك ، أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بُكرة وعشية )000فقال -صلى الله عليه وسلم- :( فهل منعك مني غير ذلك ؟)000قالت :( لا والله )000قال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( يرحمك الله ، إن خيرَ نساءٍ ركبنَ أعجاز الإبل ، صالحُ نساءِ قريشِ أحناه على ولده في صغره ، وأرعاه على بعل بذات يده )000
سودة الزوجة
********
أرضى الزواج السيدة سودة -رضي الله عنها- ، وأخذت مكانها الرفيع في بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحرصت على خدمة بناته الكريمات ، سعيدة يملأ نفسها الرضا والسرور000وكان يسعدها أن ترى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبتسم من مشيتها المتمايلة من ثِقَل جسمها ، الى جانب ملاحة نفسها وخفّة ظلها
الضرائر
*****
بعد الهجرة الى المدينة جاءت عائشة بنت أبي بكر زوجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فأفسحت السيدة سودة المجال للعروس الشابة وحرصت على إرضائها والسهر على راحتها000ثم خصّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكل زوجة بيت خاصٍ بها ، وأتت زوجات جديدات الى بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن لم تتردد السيدة سودة في إيثار السيدة عائشة بإخلاصها ومودتها000
التسريح
*******
عندما بدأت السيدة سودة تشعر بالشيخوخة تدب في جسدها الكليل ، وأنها تأخذ ما لا حق لها فيه في ليلة تنتزعها من بين زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنها غير قادرة على القيام بواجب الزوجية ، سرّحها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنها لم تقبل بأن تعيش بعيدا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجمعت ثيابها وجلست في طريقه الذي يخرج منه للصلاة ، فلما دنا بكت وقالت :( يا رسول الله ، هل غمصتَ عليَّ في الإسلام ؟)000فقال :( اللهم لا )000قالت :( فإني أسألك لما راجعتني )000فراجعها ، وعندما حققت مطلبها قالت :( يا رسول الله ، يومي لعائشة في رضاك ، لأنظر الى وجهك ، فوالله ما بي ما تريد النساء ، ولكني أحب أن يبعثني الله في نسائك يوم القيامة )000وهكذا حافظت على صحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة000
وفاتها
*****
توفيـت -رضي الله عنها- في آخر زمان عمـر بن الخطـاب000وبقيت السيدة عائشـة تذكرها وتؤثرها بجميل الوفاء والثناء الحسن في حياتها وبعد مماتها -رضي الله عنهما
عائشة بنت أبي بكر
(( عائشة بنت أبي بكر ))
أم المؤمنين
********
أنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته "
فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يُتلى
" فيه آناء الليل وأطراف النهار
ابن عباس
*******************
هي عائشـة بنت أبي بكر الصديـق ، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر
من ولد تيـم بن مرة ، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين ، وعقد
عليها رسـول اللـه -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة بسنة ، ودخـل عليها
بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن000وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان
عشرة سنة ، وعاشت ست وستين سنة ، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول
وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفي حديث ومائي وعشرة أحاديث000
الرؤيا المباركة
***********
قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- :( أُريتُـكِ -وهو يخاطب عائشـة- في المنام ثلاث ليالٍ ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير ، وهو الحرير الأبيض ، فيقول :( هذه إمرأتك )000فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي ؟000فأقول :( إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ)000
الخِطبة
*****
عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم- اسم عائشة لتخطبها له ، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة ، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه000 دخلت خولة الى بيت أبي بكر ، فوجدت أم عائشة فقالت لها :( ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة ؟)000قالت أم عائشة :( وما ذاك ؟)000أجابت :( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ له عائشة )000فقالت :( ودِدْتُ ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ )000
وجاء أبو بكر فقالت له :( يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟! أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ عائشـة )000فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقال :( وهل تصلح له ؟000إنما هـي ابنة أخيه ؟)000فرجعت خولة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت له ذلك ، فقال :( ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وبنتك تصلحُ لي )000
فذكرت ذلك لأبي بكر فقال :( انتظريني حتى أرجع )000فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي ، كان ذكرها على ابنه ، فلما عاد أبو بكر قال :( قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه ، ادْعي لي رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فدعتْه وجاء ، فأنكحه ، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين000
العروس المباركة
**************
وبعد أن هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين الى المدينة ، وحين أتى الميعاد أسرع الأصحاب من الأنصار وزوجاتهم الى منزل الصديق حيث كانت تقوم فيه العروس المباركة ، فاجتمعت النسوة الى آل الصديق يهيئن العروس لتزفّ الى زوجها ( سيد الخلق ) ، وبعد أن هيَّئْنَها وزفَفْنها ، دخلت ( أم الرومان ) أم عائشة بصحبة ابنتها العروس الى منزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من دار أبي بكر ، و قالت :( هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهنّ ، وبارك لهن فيك )000وتنقضي ليلة الزفاف في دار أبي بكر ( في بني الحارث بن الخزرج )000ثم يتحوّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأهله الى البيت الجديد000وهو حجرة من الحجرات التي شُيّدت حول المسجد
حديث الإفك
*******
حديث الإفك خطير أفظع الخطر في مضمونه ومحتواه000فمضمونه : العداء للإسلام والمسلمين ، و محتواه : قذف عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- وإشاعة مقالة السوء في أهله الأطهار ، و أغراضه : إكراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين على الخروج من المدينة ، وأهدافه : إزالة آثار الإسلام والإيمان من قلوب الأنصار000
الحادثة
****
وفي غزوة المصطلق سنة ست للهجرة ، تقول السيدة عائشة :( فلما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم أذّن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجاتي وفي عنقي عقد لي ، فلما فرغت أنسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت الى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت الى مكاني الذي ذهبت إليه ، فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي ، الذين كانوا يُرَحِّلون لي البعير ، وقد فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ، فرجعت الى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس000
فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو قد افتقدت لرُجع إلي ، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطّل السُّلَمي ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال :( إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)000وأنا متلففة في ثيابي ، قال :( ما خلّفك يرحمك الله ؟)000فما كلمته ، ثم قرب البعير فقال :( اركبي )000واستأخر عني ، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما أطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك )000
مرض عائشة
*********
وفي المدينة مرضت السيـدة عائشـة مرضاً شديداً ، ولم تعلم بالحديـث الذي وصل للرسـول -صلى الله عليه وسلم- وأبويها ، إلا أنها قد أنكرت من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض لطفه بها ، وحين رأت جفائه لها استأذنت بالإنتقال الى أمها لتمرضها فأذن لها000وبعد مرور بضع وعشرين ليلة خرجت مع أم مِسْطح بنت أبي رُهْم بن المطلب بن عبد مناف ، فعلمت بحديث الإفك ، وعادت الى البيت تبكي وقالت لأمها :( يغفر الله لك ، تحدّث الناس بما تحدّثوا به وبلغك ما بلغك ، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً)000قالت :( أي بُنَيَّة خفِّضي الشأن ، فوالله قلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يُحبها لها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها )000
الأوس والخزرج
***********
وقد قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الناس يخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :( أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ؟000والله ما علمت منهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلِ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي )000فلمّا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك المقالة ، قال أسيْد بن حُضَيْر :( يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم )000
فقام سعد بن عُبادة فقال :( كذبت لعمر الله لا تُضرَب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا )000قال أسيد :( كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين )000وتساور الناس حتى كاد أن يكون بين هذين الحيّين من الأوس والخزرج شرّ ، ونزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل على عائشة000
الإستشارة
*******
ودعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيراً وقال :( يا رسول الله ، أهلك ، ولا نعلم عليهن إلا خيراً ، وهذا الكذب و الباطل )000وأما علي فإنه قال :( يا رسول الله ، إنّ النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسلِ الجارية تصدُقك )000فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( بريرة ) ليسألها ، فقام إليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول :( اصدقي رسول الله )000فقالت :( والله ما أعلم إلا خيراً ، وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني ، فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فيأتي الداجن فيأكله )000
الرسول و عائشة
************
تقول السيدة عائشة :( ثم دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي وهي تبكي معي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :( يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس ، فاتّقي الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي الى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده )000
قالت :( فوالله ما هو إلا أن قال ذلك ، فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئاً ، وانتظرت أبَوَيّ أن يجيبا عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يتكلما000فقلت لهما :( ألا تجيبان رسول الله ؟)000فقالا لي :( والله ما ندري بماذا نجيبه )000
قالت :( فلما أن استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت :( والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أنّي منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تُصدِّقونني ، ولكني أقول كما قال أبو يوسف :( فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون )000
البراءة
****
قالت السيدة عائشة :( فوالله ما بَرِحَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ، فسُجِّي بثوبه ، ووضِعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فوالله ما فزعت كثيرا ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وإن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فَرَقاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس000
ثم سُرِّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس وإنه ليتحدّر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول :( أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتـك )000فقالت :( بحمـد الله وذمّكم )000ثم خرج الى الناس فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل اللـه عز وجل من القرآن000سورة النور ( 11-19 )000وبدايتها000
قال تعالى :"( إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم ، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم ، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم ، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ")
إقامة الحد
*******
ثم أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدَّهم000
حبيبة الحبيب
*********
قالت السيدة عائشة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( يا رسول الله ، كيف حبّك لي ؟)000قال -صلى الله عليه وسلم- :( كعقد الحبل )000فكانت تقول له :( كيف العُقدةُ يا رسول الله ؟)000فيقول :( هي على حالها )000كما أن فاطمة -رضي الله عنها- ذهبت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذكر عائشة عنده فقال :( يا بُنية : حبيبة أبيك )000
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- لأم المؤمنين عائشة :( كنتِ أحبَّ نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- إليه ، ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحبُّ إلا طيّباً )000وقال :( هلكت قلادتُك بالأبواء ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلتقطها فلم يجدوا ماءً ، فأنزل الله عزّ وجل:000
قال تعالى :( فتيمموا صعيداً طيباً )000
فكان ذلك بسببكِ وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة)000وقال :( وأنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته ، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلاّ وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار )000 فقالت :( يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك ، فوالله لوددت أني كنت نسياً مِنسياً )000
رؤية جبريل
*********
قالت السيـدة عائشـة :( رأيتك يا رسـول الله واضعاً يدك على معرفة فرسٍ ، وأنت قائم تكلِّم دِحيـة الكلبي )000قال -صلى الله عليه وسلم- :( أوَقدْ رأيته ؟)000قالت :( نعم!)000قال :( فإنه جبريل ، وهو يقرئك السلام )000قالت :( وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيراً من زائر ، فنعم الصاحب ونعم الداخل )000
زهدها
*****
قال عروة :( أن معاوية بعث الى عائشة -رضي الله عنها- بمائة ألف ، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرّقتها000قالت لها مولاتها :( لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهمٍ لحماً !)000فقالت :( لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت )
فضلها العلمي
********
كانت السيدة عائشة صغيرة السن حين صحبت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا السن يكون الإنسان فيه أفرغ بالا ، وأشد استعداداً لتلقي العلم ، وقد كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- متوقدة الذهن ، نيّرة الفكر ، شديدة الملاحظة ، فهي وإن كانت صغيرة السن كانت كبيرة العقل000قال الإمام الزهري :( لو جمع علم عائشة الى علم جميع أمهات المؤمنين ، وعلم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل )000وقال أبو موسى الأشعري :( ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً )000
وكان عروة يقول للسيدة عائشة :( يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول بنية أبي بكر -وكان أعلم الناس- ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو ؟ وما هو ؟)000قال : فضربت على منكبي ثم قالت :( أيْ عُريّة -تصغير عروة وكانت خالته- إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ )000
اعتزال النبي لنسائه
**************
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له000
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر :( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟)000فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال :( لا)000فقال عمر :( الله أكبر )000ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر :( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت :( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل )000فقلت :( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟)000فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
فقال عمر :( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت :( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك )000فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له000
وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم-000والآية التي تليها في أمهات المؤمنين000
قال تعالى
****
:( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً )000سورة التحريم آية ( 4-5 )000
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ 000
قال تعالى :( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )000
السيدة عائشة والإمام علي
*******************
لم يكن يوم الجمل لعلي بن أبي طالب ، والسيدة عائشة ، وطلحة والزبير قصد في القتال ، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم ، وكان علي -رضي الله عنه- يوقر أم المؤمنين عائشة ويُجلّها فهو يقول :( إنها لزوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة )000وكذا السيدة عائشة كانت تُجِلّ علياً و توقره ، فإنها -رضي الله عنها- حين خرجت ، لم تخرج لقتال ، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنّت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبيـن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانـت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها000
فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً ، نبحت الكلاب ، فقالت :( أيُّ ماءٍ هذا ؟)000قالوا :( ماء الحوْأب )000قالت :( ما أظنني إلا راجعة )000قال بعض من كان معها :( بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيُصلحُ الله ذات بينهم )000قالت :( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم :( كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب ))000وبعـد أن انتهى القتال وقـف علي -رضي اللـه عنه- على خِباء عائشـة يلومها على مسيرها فقالت :( يا ابن أبي طالب ، ملكْتَ فأسْجِحْ -أي أحسن العفو-)000فجهَّزها الى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً -رضي الله عنهم أجمعين-000
معاوية والسيدة عائشة
*****************
لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة :( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟)000قال معاوية :( صدقتِ )000فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ، فلم تترِك000
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية :( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي )000فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال :( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة )000
وفاتها
****
توفيت سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه ، ودُفنت في البقيع
أم المؤمنين
********
أنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته "
فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يُتلى
" فيه آناء الليل وأطراف النهار
ابن عباس
*******************
هي عائشـة بنت أبي بكر الصديـق ، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر
من ولد تيـم بن مرة ، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين ، وعقد
عليها رسـول اللـه -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة بسنة ، ودخـل عليها
بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن000وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان
عشرة سنة ، وعاشت ست وستين سنة ، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول
وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفي حديث ومائي وعشرة أحاديث000
الرؤيا المباركة
***********
قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- :( أُريتُـكِ -وهو يخاطب عائشـة- في المنام ثلاث ليالٍ ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير ، وهو الحرير الأبيض ، فيقول :( هذه إمرأتك )000فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي ؟000فأقول :( إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ)000
الخِطبة
*****
عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم- اسم عائشة لتخطبها له ، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة ، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه000 دخلت خولة الى بيت أبي بكر ، فوجدت أم عائشة فقالت لها :( ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة ؟)000قالت أم عائشة :( وما ذاك ؟)000أجابت :( أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ له عائشة )000فقالت :( ودِدْتُ ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ )000
وجاء أبو بكر فقالت له :( يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟! أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ عائشـة )000فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقال :( وهل تصلح له ؟000إنما هـي ابنة أخيه ؟)000فرجعت خولة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت له ذلك ، فقال :( ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وبنتك تصلحُ لي )000
فذكرت ذلك لأبي بكر فقال :( انتظريني حتى أرجع )000فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي ، كان ذكرها على ابنه ، فلما عاد أبو بكر قال :( قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه ، ادْعي لي رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فدعتْه وجاء ، فأنكحه ، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين000
العروس المباركة
**************
وبعد أن هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين الى المدينة ، وحين أتى الميعاد أسرع الأصحاب من الأنصار وزوجاتهم الى منزل الصديق حيث كانت تقوم فيه العروس المباركة ، فاجتمعت النسوة الى آل الصديق يهيئن العروس لتزفّ الى زوجها ( سيد الخلق ) ، وبعد أن هيَّئْنَها وزفَفْنها ، دخلت ( أم الرومان ) أم عائشة بصحبة ابنتها العروس الى منزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من دار أبي بكر ، و قالت :( هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهنّ ، وبارك لهن فيك )000وتنقضي ليلة الزفاف في دار أبي بكر ( في بني الحارث بن الخزرج )000ثم يتحوّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأهله الى البيت الجديد000وهو حجرة من الحجرات التي شُيّدت حول المسجد
حديث الإفك
*******
حديث الإفك خطير أفظع الخطر في مضمونه ومحتواه000فمضمونه : العداء للإسلام والمسلمين ، و محتواه : قذف عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- وإشاعة مقالة السوء في أهله الأطهار ، و أغراضه : إكراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين على الخروج من المدينة ، وأهدافه : إزالة آثار الإسلام والإيمان من قلوب الأنصار000
الحادثة
****
وفي غزوة المصطلق سنة ست للهجرة ، تقول السيدة عائشة :( فلما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم أذّن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجاتي وفي عنقي عقد لي ، فلما فرغت أنسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت الى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت الى مكاني الذي ذهبت إليه ، فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي ، الذين كانوا يُرَحِّلون لي البعير ، وقد فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ، فرجعت الى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس000
فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو قد افتقدت لرُجع إلي ، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطّل السُّلَمي ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال :( إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)000وأنا متلففة في ثيابي ، قال :( ما خلّفك يرحمك الله ؟)000فما كلمته ، ثم قرب البعير فقال :( اركبي )000واستأخر عني ، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما أطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك )000
مرض عائشة
*********
وفي المدينة مرضت السيـدة عائشـة مرضاً شديداً ، ولم تعلم بالحديـث الذي وصل للرسـول -صلى الله عليه وسلم- وأبويها ، إلا أنها قد أنكرت من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض لطفه بها ، وحين رأت جفائه لها استأذنت بالإنتقال الى أمها لتمرضها فأذن لها000وبعد مرور بضع وعشرين ليلة خرجت مع أم مِسْطح بنت أبي رُهْم بن المطلب بن عبد مناف ، فعلمت بحديث الإفك ، وعادت الى البيت تبكي وقالت لأمها :( يغفر الله لك ، تحدّث الناس بما تحدّثوا به وبلغك ما بلغك ، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً)000قالت :( أي بُنَيَّة خفِّضي الشأن ، فوالله قلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يُحبها لها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها )000
الأوس والخزرج
***********
وقد قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الناس يخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :( أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ؟000والله ما علمت منهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلِ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي )000فلمّا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك المقالة ، قال أسيْد بن حُضَيْر :( يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم )000
فقام سعد بن عُبادة فقال :( كذبت لعمر الله لا تُضرَب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا )000قال أسيد :( كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين )000وتساور الناس حتى كاد أن يكون بين هذين الحيّين من الأوس والخزرج شرّ ، ونزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل على عائشة000
الإستشارة
*******
ودعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيراً وقال :( يا رسول الله ، أهلك ، ولا نعلم عليهن إلا خيراً ، وهذا الكذب و الباطل )000وأما علي فإنه قال :( يا رسول الله ، إنّ النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسلِ الجارية تصدُقك )000فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( بريرة ) ليسألها ، فقام إليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول :( اصدقي رسول الله )000فقالت :( والله ما أعلم إلا خيراً ، وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني ، فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فيأتي الداجن فيأكله )000
الرسول و عائشة
************
تقول السيدة عائشة :( ثم دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي وهي تبكي معي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :( يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس ، فاتّقي الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي الى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده )000
قالت :( فوالله ما هو إلا أن قال ذلك ، فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئاً ، وانتظرت أبَوَيّ أن يجيبا عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يتكلما000فقلت لهما :( ألا تجيبان رسول الله ؟)000فقالا لي :( والله ما ندري بماذا نجيبه )000
قالت :( فلما أن استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت :( والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أنّي منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تُصدِّقونني ، ولكني أقول كما قال أبو يوسف :( فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون )000
البراءة
****
قالت السيدة عائشة :( فوالله ما بَرِحَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ، فسُجِّي بثوبه ، ووضِعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فوالله ما فزعت كثيرا ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وإن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فَرَقاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس000
ثم سُرِّيَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس وإنه ليتحدّر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول :( أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتـك )000فقالت :( بحمـد الله وذمّكم )000ثم خرج الى الناس فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل اللـه عز وجل من القرآن000سورة النور ( 11-19 )000وبدايتها000
قال تعالى :"( إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم ، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم ، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم ، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ")
إقامة الحد
*******
ثم أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدَّهم000
حبيبة الحبيب
*********
قالت السيدة عائشة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( يا رسول الله ، كيف حبّك لي ؟)000قال -صلى الله عليه وسلم- :( كعقد الحبل )000فكانت تقول له :( كيف العُقدةُ يا رسول الله ؟)000فيقول :( هي على حالها )000كما أن فاطمة -رضي الله عنها- ذهبت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذكر عائشة عنده فقال :( يا بُنية : حبيبة أبيك )000
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- لأم المؤمنين عائشة :( كنتِ أحبَّ نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- إليه ، ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحبُّ إلا طيّباً )000وقال :( هلكت قلادتُك بالأبواء ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلتقطها فلم يجدوا ماءً ، فأنزل الله عزّ وجل:000
قال تعالى :( فتيمموا صعيداً طيباً )000
فكان ذلك بسببكِ وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة)000وقال :( وأنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته ، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلاّ وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار )000 فقالت :( يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك ، فوالله لوددت أني كنت نسياً مِنسياً )000
رؤية جبريل
*********
قالت السيـدة عائشـة :( رأيتك يا رسـول الله واضعاً يدك على معرفة فرسٍ ، وأنت قائم تكلِّم دِحيـة الكلبي )000قال -صلى الله عليه وسلم- :( أوَقدْ رأيته ؟)000قالت :( نعم!)000قال :( فإنه جبريل ، وهو يقرئك السلام )000قالت :( وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيراً من زائر ، فنعم الصاحب ونعم الداخل )000
زهدها
*****
قال عروة :( أن معاوية بعث الى عائشة -رضي الله عنها- بمائة ألف ، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرّقتها000قالت لها مولاتها :( لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهمٍ لحماً !)000فقالت :( لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت )
فضلها العلمي
********
كانت السيدة عائشة صغيرة السن حين صحبت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا السن يكون الإنسان فيه أفرغ بالا ، وأشد استعداداً لتلقي العلم ، وقد كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- متوقدة الذهن ، نيّرة الفكر ، شديدة الملاحظة ، فهي وإن كانت صغيرة السن كانت كبيرة العقل000قال الإمام الزهري :( لو جمع علم عائشة الى علم جميع أمهات المؤمنين ، وعلم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل )000وقال أبو موسى الأشعري :( ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً )000
وكان عروة يقول للسيدة عائشة :( يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول بنية أبي بكر -وكان أعلم الناس- ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو ؟ وما هو ؟)000قال : فضربت على منكبي ثم قالت :( أيْ عُريّة -تصغير عروة وكانت خالته- إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ )000
اعتزال النبي لنسائه
**************
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له000
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر :( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟)000فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال :( لا)000فقال عمر :( الله أكبر )000ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر :( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت :( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل )000فقلت :( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟)000فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
فقال عمر :( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت :( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك )000فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له000
وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم-000والآية التي تليها في أمهات المؤمنين000
قال تعالى
****
:( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً )000سورة التحريم آية ( 4-5 )000
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ 000
قال تعالى :( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )000
السيدة عائشة والإمام علي
*******************
لم يكن يوم الجمل لعلي بن أبي طالب ، والسيدة عائشة ، وطلحة والزبير قصد في القتال ، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم ، وكان علي -رضي الله عنه- يوقر أم المؤمنين عائشة ويُجلّها فهو يقول :( إنها لزوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة )000وكذا السيدة عائشة كانت تُجِلّ علياً و توقره ، فإنها -رضي الله عنها- حين خرجت ، لم تخرج لقتال ، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنّت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبيـن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانـت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها000
فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً ، نبحت الكلاب ، فقالت :( أيُّ ماءٍ هذا ؟)000قالوا :( ماء الحوْأب )000قالت :( ما أظنني إلا راجعة )000قال بعض من كان معها :( بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيُصلحُ الله ذات بينهم )000قالت :( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم :( كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب ))000وبعـد أن انتهى القتال وقـف علي -رضي اللـه عنه- على خِباء عائشـة يلومها على مسيرها فقالت :( يا ابن أبي طالب ، ملكْتَ فأسْجِحْ -أي أحسن العفو-)000فجهَّزها الى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً -رضي الله عنهم أجمعين-000
معاوية والسيدة عائشة
*****************
لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة :( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟)000قال معاوية :( صدقتِ )000فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ، فلم تترِك000
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية :( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي )000فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال :( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من عائشة )000
وفاتها
****
توفيت سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه ، ودُفنت في البقيع
حفصة بنت عمر
((حفصة بنت عمر))
أم المؤمنين
هي التي كانت تُساميني من أزواج "
" النبي -صلى الله عليه وسلم-0
السيدة عائشة
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ، ولدت قبل المبعث بخمسة
أعـوام ، وتزوّجها النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- سنة ثلاث من الهجرة ، بعد أن
توفي زوجها المهاجر ( خنيـس بن حذافـة السهمـي ) الذي توفي من آثار جراحة
أصابته يوم أحـد ، وكان من السابقين الى الإسـلام هاجر الى الحبشـة وعاد الى
المدينة وشهد بدراً وأحداً000فترمَّلت ولها عشرون سنة000
الزواج المبارك
************
تألم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لابنته الشابة كثيراً ، ولألمها وعزلتها ، وبعد انقضاء عدّتها أخذ يفكر لها بزوج جديد ، ولمّا مرت الأيام ولم يخطبها أحد قام بعرضها على أبي بكر -رضي الله عنه- فلم يُجِبّه بشيء ، وعرضها على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقال :( بدا لي اليوم ألا أتزوج )000فوَجَد عليهما وانكسر ، وشكا حاله الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال له :( يتزوّج حفصة من هو خير من عثمان ، ويتزوّج عثمان من هو خير من حفصة )000
ومع أن عمر -رضي الله عنه- من الهمّ لم يفهم معنى كلام الرسـول الكريـم ، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطبها ، ونال عمر شرف مصاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوَّج النبي عثمان بابنته ( أم كلثوم ) بعد وفاة أختها ( زينب ) ، وبعد أن تمّ الزواج لقي أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فاعتذر له وقال :( لا تجـدْ عليّ ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كان قد ذكر حفصة ، فلم أكن لأفشي سِرّه ، ولو تركها لتزوّجتها )000
بيت الزوجية
**********
ودخلت حفصة بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام ، بعد سودة وعائشة ، أما سودة فرحّبت بها راضية ، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر ، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء ، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-000 ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات ، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ ، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة ، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي ، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة ، فقال لها :( يا حفصة ، أين أنت من عائشة ، وأين أبوكِ من أبيها ؟)
الجرأة الأدبية
*********
سمع عمر -رضي الله عنه- يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكلام ، فمضى إليها غاضباً ، وزجرها قائلاً :( تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله ، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياها ، والله لقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لولا أنا لطلّقك )000
ولكن على الرغم من تحذير أبيها لها ، كانت تتمتع حفصة بجرأة أدبية كبيرة ، فقد كانت كاتبة ذات فصاحة وبلاغة ، ولعل هذا ما يجعلها تبدي رأيها ولو بين يدي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ، فقد رويَ أن الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قد ذكر عند حفصة أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة فقال :( لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجـرة الذين بايعوا تحتها )000فقالت حفصـة :( بلى يا رسـول الله )000فانتهـرها ، فقالت حفصـة الآية الكريمة000
قال تعالى :"( وإنْ منكم إلا واردُها كان على ربِّك حتماً مقضياً ")000
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-000
قال الله تعالى :"( ثم ننجي الذين اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثِيّاً ")000
الطـلاق
****
طلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفصة طلقةً رجعية ، وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه ، فلم تكتمه ، وقصة ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلا يوماً بمارية -رضي الله عنها- في بيت حفصة ، فلمّا انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- :( لقد رأيت من كان عندك ، يا نبي الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي ، وفي دوري وفي فراشي )000ثم استعبرت باكية ، فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- باسترضائها فقال :( ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها ؟)000قالت :( بلى )000فحرّمها وقال لها :( لا تذكري ذلك لأحدٍ )000ورضيت حفصة بذلك ، وسعدت ليلتها بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أصبحت الغداةَ ، لم تستطع على كتمان سرّها ، فنبّأت به عائشة ، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة 000
قال الله تعالى :"( وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه حَديثاً ، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ الخَبيرُ ")000سورة التحريم آية ( 3 )000
فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال :( ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها )000فنزل جبريل -عليه السلام- من الغَدِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال :( إن الله يأمرك أن تُراجِعَ حفصة رحمة بعمر )000وفي رواية أن جبريل قال :( أرْجِع حفصة ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنة )000
اعتزال النبي لنسائه
***************
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له ، فذهب مسرعاً الى بيت حفصة ، فوجدها تبكي فقال :( لعلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قد طلّقك ؟ إنه كان قد طلّقك مرةً ، ثم راجعك من أجلي ، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلمك أبداً )000
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر :( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟)000فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال :( لا)000فقال عمر :( الله أكبر )000ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر :( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت :( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل )000فقلت :( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟)000فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
فقال عمر :
( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت :( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك )000فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له000
وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم-000والآية التي تليها في أمهات المؤمنين
قال تعالى :
( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً )000سورة التحريم آية ( 4 - 5 )000
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ 000
قال تعالى :( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )000
وارِثة المصحف
***********
لقد عكِفَـت أم المؤمنين حفصـة على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه ، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- مما جعله يُوصي الى ابنته ( حفصة ) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر الصدّيق بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته -صلى الله عليه وسلم-000ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم ، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- :( أن أرسلي إلينا بالصُّحُفِ ننسخها في المصاحف )000فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة ، وصانتها ورعتها000
وفاتها
****
وبقيت حفصة عاكفة على العبادة ، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين ، وشيّعها أهل المدينة الى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن
أم المؤمنين
هي التي كانت تُساميني من أزواج "
" النبي -صلى الله عليه وسلم-0
السيدة عائشة
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ، ولدت قبل المبعث بخمسة
أعـوام ، وتزوّجها النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- سنة ثلاث من الهجرة ، بعد أن
توفي زوجها المهاجر ( خنيـس بن حذافـة السهمـي ) الذي توفي من آثار جراحة
أصابته يوم أحـد ، وكان من السابقين الى الإسـلام هاجر الى الحبشـة وعاد الى
المدينة وشهد بدراً وأحداً000فترمَّلت ولها عشرون سنة000
الزواج المبارك
************
تألم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لابنته الشابة كثيراً ، ولألمها وعزلتها ، وبعد انقضاء عدّتها أخذ يفكر لها بزوج جديد ، ولمّا مرت الأيام ولم يخطبها أحد قام بعرضها على أبي بكر -رضي الله عنه- فلم يُجِبّه بشيء ، وعرضها على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقال :( بدا لي اليوم ألا أتزوج )000فوَجَد عليهما وانكسر ، وشكا حاله الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال له :( يتزوّج حفصة من هو خير من عثمان ، ويتزوّج عثمان من هو خير من حفصة )000
ومع أن عمر -رضي الله عنه- من الهمّ لم يفهم معنى كلام الرسـول الكريـم ، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطبها ، ونال عمر شرف مصاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوَّج النبي عثمان بابنته ( أم كلثوم ) بعد وفاة أختها ( زينب ) ، وبعد أن تمّ الزواج لقي أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فاعتذر له وقال :( لا تجـدْ عليّ ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كان قد ذكر حفصة ، فلم أكن لأفشي سِرّه ، ولو تركها لتزوّجتها )000
بيت الزوجية
**********
ودخلت حفصة بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام ، بعد سودة وعائشة ، أما سودة فرحّبت بها راضية ، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر ، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء ، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-000 ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات ، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ ، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة ، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي ، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة ، فقال لها :( يا حفصة ، أين أنت من عائشة ، وأين أبوكِ من أبيها ؟)
الجرأة الأدبية
*********
سمع عمر -رضي الله عنه- يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكلام ، فمضى إليها غاضباً ، وزجرها قائلاً :( تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله ، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياها ، والله لقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لولا أنا لطلّقك )000
ولكن على الرغم من تحذير أبيها لها ، كانت تتمتع حفصة بجرأة أدبية كبيرة ، فقد كانت كاتبة ذات فصاحة وبلاغة ، ولعل هذا ما يجعلها تبدي رأيها ولو بين يدي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- ، فقد رويَ أن الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قد ذكر عند حفصة أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة فقال :( لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجـرة الذين بايعوا تحتها )000فقالت حفصـة :( بلى يا رسـول الله )000فانتهـرها ، فقالت حفصـة الآية الكريمة000
قال تعالى :"( وإنْ منكم إلا واردُها كان على ربِّك حتماً مقضياً ")000
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-000
قال الله تعالى :"( ثم ننجي الذين اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثِيّاً ")000
الطـلاق
****
طلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفصة طلقةً رجعية ، وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه ، فلم تكتمه ، وقصة ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلا يوماً بمارية -رضي الله عنها- في بيت حفصة ، فلمّا انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- :( لقد رأيت من كان عندك ، يا نبي الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي ، وفي دوري وفي فراشي )000ثم استعبرت باكية ، فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- باسترضائها فقال :( ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها ؟)000قالت :( بلى )000فحرّمها وقال لها :( لا تذكري ذلك لأحدٍ )000ورضيت حفصة بذلك ، وسعدت ليلتها بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أصبحت الغداةَ ، لم تستطع على كتمان سرّها ، فنبّأت به عائشة ، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة 000
قال الله تعالى :"( وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه حَديثاً ، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ الخَبيرُ ")000سورة التحريم آية ( 3 )000
فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال :( ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها )000فنزل جبريل -عليه السلام- من الغَدِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال :( إن الله يأمرك أن تُراجِعَ حفصة رحمة بعمر )000وفي رواية أن جبريل قال :( أرْجِع حفصة ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنة )000
اعتزال النبي لنسائه
***************
اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له ، فذهب مسرعاً الى بيت حفصة ، فوجدها تبكي فقال :( لعلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قد طلّقك ؟ إنه كان قد طلّقك مرةً ، ثم راجعك من أجلي ، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلمك أبداً )000
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر :( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟)000فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال :( لا)000فقال عمر :( الله أكبر )000ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر :( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت :( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل )000فقلت :( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت ؟)000فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
فقال عمر :
( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت :( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك )000فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية ، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له000
وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم-000والآية التي تليها في أمهات المؤمنين
قال تعالى :
( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً )000سورة التحريم آية ( 4 - 5 )000
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ 000
قال تعالى :( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير )000
وارِثة المصحف
***********
لقد عكِفَـت أم المؤمنين حفصـة على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه ، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- مما جعله يُوصي الى ابنته ( حفصة ) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر الصدّيق بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته -صلى الله عليه وسلم-000ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم ، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- :( أن أرسلي إلينا بالصُّحُفِ ننسخها في المصاحف )000فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة ، وصانتها ورعتها000
وفاتها
****
وبقيت حفصة عاكفة على العبادة ، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين ، وشيّعها أهل المدينة الى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن
زينب بنت خزيمة
((زينب بنت خزيمة))
أم المؤمنين و أم المساكين
****************
كانت بحقّ أمِّ المساكين ، لأنها كانت "
" تطعمهم ، وتتصدق عليهم
الإصابة
****
هي زينب بنت خزيمة بن عبد الله بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن
صعصعة الهلاليـة ، أم المؤمنين زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت
أخت أم المؤمنيـن ( ميمونة بنت الحارث ) لأمها ، ولِدَت قبل البعثـة في مكة
بثلاث عشرة سنة تقريباً ، كانت زوجة عبد الله بن جحش فاستشهد بأحد فخطبها
الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بعد انقضاء عدّتها الى نفسها ، فجعلت أمرها
إليه000تزوجها في السنة الثالثـة للهجرة بعد حفصـة ، وأقامت عند الرسول
ثمانية أشهر وتوفيت في سنة أربع للهجرة000
الزواج المبارك
************
أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى ( زينب بنت خزيمة ) يخطبها الى نفسه ، وما أن يصل الخبر الى المهاجرة الصابرة التي أفجعها فراق زوجها الشهيد عبد الله بن جحش في غزوة أحد ، امتلأت نفسها سعادة ورضا من التكريم النبوي لها ، فهي ستكون إحدى زوجاته -عليه أفضل الصلاة والسلام- فما كان منها إلا أن أرسلت الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أني جعلت أمر نفسي إليك )000وتزوجها الرسول الكريم في شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ولم تمكث عنده إلا أشهراً وتوفيت -رضي الله عنها-000
أم المساكين
*********
لقد أقلّت كتب السيرة والتراجم من ذكر أخبار السيدة زينب لقصر فترة اقامتها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولكنها كانت أفضل أمهات المؤمنين في حب المساكين والإحسان إليهم ، لتكون حقاً ( أم المساكين )000فقد كانت تطعمهم وتتصدق عليهم000
وفاتها
*****
توفيت في شهر ربيع الآخر سنة أربع ، وعاشت ثلاثين سنة ، رضي الله عنها وأرضاها
أم المؤمنين و أم المساكين
****************
كانت بحقّ أمِّ المساكين ، لأنها كانت "
" تطعمهم ، وتتصدق عليهم
الإصابة
****
هي زينب بنت خزيمة بن عبد الله بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن
صعصعة الهلاليـة ، أم المؤمنين زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت
أخت أم المؤمنيـن ( ميمونة بنت الحارث ) لأمها ، ولِدَت قبل البعثـة في مكة
بثلاث عشرة سنة تقريباً ، كانت زوجة عبد الله بن جحش فاستشهد بأحد فخطبها
الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بعد انقضاء عدّتها الى نفسها ، فجعلت أمرها
إليه000تزوجها في السنة الثالثـة للهجرة بعد حفصـة ، وأقامت عند الرسول
ثمانية أشهر وتوفيت في سنة أربع للهجرة000
الزواج المبارك
************
أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى ( زينب بنت خزيمة ) يخطبها الى نفسه ، وما أن يصل الخبر الى المهاجرة الصابرة التي أفجعها فراق زوجها الشهيد عبد الله بن جحش في غزوة أحد ، امتلأت نفسها سعادة ورضا من التكريم النبوي لها ، فهي ستكون إحدى زوجاته -عليه أفضل الصلاة والسلام- فما كان منها إلا أن أرسلت الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( أني جعلت أمر نفسي إليك )000وتزوجها الرسول الكريم في شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ولم تمكث عنده إلا أشهراً وتوفيت -رضي الله عنها-000
أم المساكين
*********
لقد أقلّت كتب السيرة والتراجم من ذكر أخبار السيدة زينب لقصر فترة اقامتها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولكنها كانت أفضل أمهات المؤمنين في حب المساكين والإحسان إليهم ، لتكون حقاً ( أم المساكين )000فقد كانت تطعمهم وتتصدق عليهم000
وفاتها
*****
توفيت في شهر ربيع الآخر سنة أربع ، وعاشت ثلاثين سنة ، رضي الله عنها وأرضاها
أم سلمة هند بنت أبي أمية
((أم سلمة هند بنت أبي أمية))
أم المؤمنين
******
أم سلمة أول المهاجرات الى الحبشة "
" وأول المهاجرات الى المدينة
أعلام النبلاء
*********
أم سلمـة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن
يقظـة بن مرّة المخزومية ، بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل عدو الله
أبـوها يلقب بـ( زاد الراكب ) فكل من يسافر معه يكفيـه المؤن ويغنيه000
ولِدت في مكة قبل البعثة بنحو سبعة عشر سنة ، وكانت من أجمل النسـاء و
أشرفهن نسبا ، وكانت قريباً من خمس وثلاثين سنة عندما تزوّجها النبي الكريم
سنة أربع للهجرة وكانت قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أخيـه من
الرضاعة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح000
الهجرة الى الحبشة
*****************
أم سلمة -رضي الله عنها- امرأة ذات شرف في أهلها ، وهي ابنة أحد أجود رجال العرب ، جادت بنفسها في سبيل إيمانها ، فكان أول من خرج من المسلمين الى الحبشة من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد ، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ، وولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة000وتعود أم سلمة مع زوجها الى مكة مستخفية عن أنظار الظالمين ، وتصبر في سبيل الله وتوحيده ، حتى آذن الله لهم بالهجرة الى المدينة المنورة000
الهجرة الى المدينة
*****************
تروي أم سلمة -رضي الله عنها- قصة هجرتها الى المدينة فتقول :( لما أجمع أبو سلمة الخروج الى المدينة رحّل بعيراً له ، وحملني وحمل معي ابني سلمة ، ثم خرج يقود بعيره ، فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا :( هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت صاحبتنا هذه ، على مَ نتركك تسير بها في البلاد ؟)000ونزعوا خطام البعير من يده ، وأخذوني ، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد ، وأهووا الى سلمة وقالوا :( والله لا نترك ابننا عندها ، إذا نزعتموها من صاحبنا )000فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده ، وانطلق به بنو عبد الأسد ، ورهط أبي سلمة ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ، ففرق بيني وبين زوجي وابني000
فكنت أخرج كلّ غداة ، وأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً أو قريبها ، حتى مرّ بي رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي ، فقال لبني المغيرة :( ألا تخرجون من هذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها ؟)000فقالوا :( الحقي بزوجك إن شئت )000وردّ علي بنو عبد الأسد عند ذلك ابني000
فرحلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي من أحد من خلق الله ، فكنت أبلغ من لقيت ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار ، فقال :( أين يا بنت أبي أمية ؟)000قلت :( أريد زوجي بالمدينة )000فقال :( هل معك أحد ؟)000فقلت :( لا والله إلا الله ، وابني هذا ؟)000فقال :( والله ما لك من منزل )000فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يقودني ، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه ، وإذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحى الى الشجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام الى بعيري فقدمه ورحله ثم استأخرعني وقال :( اركبي )000فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه ، فقادني حتى نزلت ، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة ، فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء ، قال :( إن زوجك في هذه القرية )000
وكان أبو سلمة نازلاً بها ، فيستقبل أبو سلمة أم سلمة وابنه معها ، بكل بهجة وسرور ، وتلتقي الأسرة المهاجرة بعد تفرّق وتشتّت وأهوال000
وفاة أبو سلمة
*************
ويشهد أبو سلمة غزوة أحد ، ويصاب بسهم في عضده ، ومع أنه ظنّ أنه التأم ، عاد وانفض جرحه فأخلد الى فراشه ، تمرضه أم سلمة الى أن حضره الأجل وتوفاه الله000وقد قال عند وفاته :( اللهم اخلفني في أهلي بخير )000فأخلفه الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على زوجته أم سلمة بعد انقضاء عدّتها حيث خطبها وتزوجها ، فصارت أماً للمؤمنين ، وصار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربيب بنيه ( عمر وسلمة وزينب )000
البيت النبوي
**********
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أم سلمة ، فدخل عليها الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ، ثم أدخلهما تحت ثوبه ، ثم جأر الى الله عزّ وجل ثم قال :( هؤلاء أهل بيتـي )000فقالت أم سلمـة -رضي الله عنها- :( يا رسـول الله ، أدخلني معهم !)000فقال -صلى اللـه عليه وسلم- :( أنتِ من أهلي )000وبهذا أدخل على نفسها الطمأنينة000وكان -صلى اللـه عليه وسلـم- يهتم بأبنائهـا كأنهم أبنائه فربيبتـه زينـب بنت أبي سلمة أصبحـت من أفقه نساء أهل زمانها000وبلغ من إعزازه -صلى الله عليه وسلم- لربيبـه سلمة بن أبي سلمة أن زوجـه بنت عمه الشهيد حمـزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-000
المشاركة في الغزوات
*******************
لقد صحبت أم المؤمنين أم سلمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوات كثيرة ، فكانت معه في غزوة خيبر وفي فتح مكة وفي حصاره للطائف ، وفي غزو هوازن وثقيف ، ثم صحبتْهُ في حجة الوداع000
ففي السنة السادسة للهجرة صحبت أم سلمة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الحديبية ، وكان لها مشورة لرسول الله أنجت بها أصحابه من غضب اللـه ورسولـه ، وذلك حين أعرضوا عن امتثال أمره ، فعندما فرغ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- من قضية الصلـح قال لأصحابه :( قوموا فانحروا ثم احلقوا )000فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم سلمة فذكر لها ما لقي من عدم استجابة الناس ، وما في هذا من غضب لله ولرسوله ، ومن تشفي قريش بهم ، فألهم الله أم سلمة -رضي الله عنها- لتنقذ الموقف فقالت :( يا نبي الله ، أتُحبُّ ذلك ؟) -أي يطيعك الصحابة- فأومأ لها بنعم ، فقالت :( اخرج ثم لا تكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعو حالِقكَ فيحلقُكَ )000
فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يُكلّم أحداً ، ونحر بُدْنَهُ ، ودعا حالِقَهُ فحلقه ، فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً ، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
أم سلمة وعائشة
***************
لقد كان لأم سلمة -رضي الله عنها- مشورة ثانية لأم المؤمنين عائشة ، وذلك حين عزمت الخروج لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ، فكتبت لها في عُنف وإنكار شديد فقالت :( إنك سُدّةٌ بين رسول الله وأمته ، وحجابك مضروبٌ على حرمته ، قد جمع القرآن الكريم ذيلكِ ، فلا تندحيه ، وسكّن الله عقيرتك فلا تصحريها -أي صوتك لا ترفعيه- الله من وراء هذه الأمة ، ما كنت قائلةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو عارضك بأطراف الجبال والفلوات ؟000ولو أتيتُ الذي تُريدين ، ثم قيل لي ادخلي الجنة لاستحييتُ أن ألقى الله هاتكةً حجاباً قد ضربَهُ عليَّ )000وذكرت كلاماً تحرضها فيه على عدم الخروج000
فكتبت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول :( ما أقبلني لوعظك ، وما أعلمني بنصحك ، وليس مسيري على ما تظنين ، ولنِعْمَ المطلعُ مطلعٌ فزعتْ فيه الى فئتان متناجزتان )000
وفاتها
****
كانت أم سلمة -رضي الله عنها- أخر من مات من أمهات المؤمنين ، فتوفيت سنة إحدى وستين من الهجرة وعاشت نحواً من تسعين سنة000
أم المؤمنين
******
أم سلمة أول المهاجرات الى الحبشة "
" وأول المهاجرات الى المدينة
أعلام النبلاء
*********
أم سلمـة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن
يقظـة بن مرّة المخزومية ، بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل عدو الله
أبـوها يلقب بـ( زاد الراكب ) فكل من يسافر معه يكفيـه المؤن ويغنيه000
ولِدت في مكة قبل البعثة بنحو سبعة عشر سنة ، وكانت من أجمل النسـاء و
أشرفهن نسبا ، وكانت قريباً من خمس وثلاثين سنة عندما تزوّجها النبي الكريم
سنة أربع للهجرة وكانت قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أخيـه من
الرضاعة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح000
الهجرة الى الحبشة
*****************
أم سلمة -رضي الله عنها- امرأة ذات شرف في أهلها ، وهي ابنة أحد أجود رجال العرب ، جادت بنفسها في سبيل إيمانها ، فكان أول من خرج من المسلمين الى الحبشة من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد ، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ، وولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة000وتعود أم سلمة مع زوجها الى مكة مستخفية عن أنظار الظالمين ، وتصبر في سبيل الله وتوحيده ، حتى آذن الله لهم بالهجرة الى المدينة المنورة000
الهجرة الى المدينة
*****************
تروي أم سلمة -رضي الله عنها- قصة هجرتها الى المدينة فتقول :( لما أجمع أبو سلمة الخروج الى المدينة رحّل بعيراً له ، وحملني وحمل معي ابني سلمة ، ثم خرج يقود بعيره ، فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا :( هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت صاحبتنا هذه ، على مَ نتركك تسير بها في البلاد ؟)000ونزعوا خطام البعير من يده ، وأخذوني ، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد ، وأهووا الى سلمة وقالوا :( والله لا نترك ابننا عندها ، إذا نزعتموها من صاحبنا )000فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده ، وانطلق به بنو عبد الأسد ، ورهط أبي سلمة ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ، ففرق بيني وبين زوجي وابني000
فكنت أخرج كلّ غداة ، وأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً أو قريبها ، حتى مرّ بي رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي ، فقال لبني المغيرة :( ألا تخرجون من هذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها ؟)000فقالوا :( الحقي بزوجك إن شئت )000وردّ علي بنو عبد الأسد عند ذلك ابني000
فرحلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي من أحد من خلق الله ، فكنت أبلغ من لقيت ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار ، فقال :( أين يا بنت أبي أمية ؟)000قلت :( أريد زوجي بالمدينة )000فقال :( هل معك أحد ؟)000فقلت :( لا والله إلا الله ، وابني هذا ؟)000فقال :( والله ما لك من منزل )000فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يقودني ، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه ، وإذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحى الى الشجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام الى بعيري فقدمه ورحله ثم استأخرعني وقال :( اركبي )000فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه ، فقادني حتى نزلت ، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة ، فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء ، قال :( إن زوجك في هذه القرية )000
وكان أبو سلمة نازلاً بها ، فيستقبل أبو سلمة أم سلمة وابنه معها ، بكل بهجة وسرور ، وتلتقي الأسرة المهاجرة بعد تفرّق وتشتّت وأهوال000
وفاة أبو سلمة
*************
ويشهد أبو سلمة غزوة أحد ، ويصاب بسهم في عضده ، ومع أنه ظنّ أنه التأم ، عاد وانفض جرحه فأخلد الى فراشه ، تمرضه أم سلمة الى أن حضره الأجل وتوفاه الله000وقد قال عند وفاته :( اللهم اخلفني في أهلي بخير )000فأخلفه الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على زوجته أم سلمة بعد انقضاء عدّتها حيث خطبها وتزوجها ، فصارت أماً للمؤمنين ، وصار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربيب بنيه ( عمر وسلمة وزينب )000
البيت النبوي
**********
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أم سلمة ، فدخل عليها الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ، ثم أدخلهما تحت ثوبه ، ثم جأر الى الله عزّ وجل ثم قال :( هؤلاء أهل بيتـي )000فقالت أم سلمـة -رضي الله عنها- :( يا رسـول الله ، أدخلني معهم !)000فقال -صلى اللـه عليه وسلم- :( أنتِ من أهلي )000وبهذا أدخل على نفسها الطمأنينة000وكان -صلى اللـه عليه وسلـم- يهتم بأبنائهـا كأنهم أبنائه فربيبتـه زينـب بنت أبي سلمة أصبحـت من أفقه نساء أهل زمانها000وبلغ من إعزازه -صلى الله عليه وسلم- لربيبـه سلمة بن أبي سلمة أن زوجـه بنت عمه الشهيد حمـزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-000
المشاركة في الغزوات
*******************
لقد صحبت أم المؤمنين أم سلمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوات كثيرة ، فكانت معه في غزوة خيبر وفي فتح مكة وفي حصاره للطائف ، وفي غزو هوازن وثقيف ، ثم صحبتْهُ في حجة الوداع000
ففي السنة السادسة للهجرة صحبت أم سلمة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الحديبية ، وكان لها مشورة لرسول الله أنجت بها أصحابه من غضب اللـه ورسولـه ، وذلك حين أعرضوا عن امتثال أمره ، فعندما فرغ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- من قضية الصلـح قال لأصحابه :( قوموا فانحروا ثم احلقوا )000فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم سلمة فذكر لها ما لقي من عدم استجابة الناس ، وما في هذا من غضب لله ولرسوله ، ومن تشفي قريش بهم ، فألهم الله أم سلمة -رضي الله عنها- لتنقذ الموقف فقالت :( يا نبي الله ، أتُحبُّ ذلك ؟) -أي يطيعك الصحابة- فأومأ لها بنعم ، فقالت :( اخرج ثم لا تكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعو حالِقكَ فيحلقُكَ )000
فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يُكلّم أحداً ، ونحر بُدْنَهُ ، ودعا حالِقَهُ فحلقه ، فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً ، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000
أم سلمة وعائشة
***************
لقد كان لأم سلمة -رضي الله عنها- مشورة ثانية لأم المؤمنين عائشة ، وذلك حين عزمت الخروج لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ، فكتبت لها في عُنف وإنكار شديد فقالت :( إنك سُدّةٌ بين رسول الله وأمته ، وحجابك مضروبٌ على حرمته ، قد جمع القرآن الكريم ذيلكِ ، فلا تندحيه ، وسكّن الله عقيرتك فلا تصحريها -أي صوتك لا ترفعيه- الله من وراء هذه الأمة ، ما كنت قائلةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو عارضك بأطراف الجبال والفلوات ؟000ولو أتيتُ الذي تُريدين ، ثم قيل لي ادخلي الجنة لاستحييتُ أن ألقى الله هاتكةً حجاباً قد ضربَهُ عليَّ )000وذكرت كلاماً تحرضها فيه على عدم الخروج000
فكتبت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول :( ما أقبلني لوعظك ، وما أعلمني بنصحك ، وليس مسيري على ما تظنين ، ولنِعْمَ المطلعُ مطلعٌ فزعتْ فيه الى فئتان متناجزتان )000
وفاتها
****
كانت أم سلمة -رضي الله عنها- أخر من مات من أمهات المؤمنين ، فتوفيت سنة إحدى وستين من الهجرة وعاشت نحواً من تسعين سنة000
زينب بنت جحش
أطولهن يدا
قبل أن نبدأ في الحديث عن أمنا السيدة زينب بنت جحش نضع القاعدة الأساسية والتي تعد هدفنا من معرفة أمهات المؤمنين, يقول الله تبارك وتعالى:"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم..." الآية 6 من سورة الأحزاب, فهن أمهاتنا ولابد ن تكون هذه هي مشاعرنا تجاههن, وأن نحبهم كما نحب أمهاتنا ونكن لهن نفس المشاعر والعواطف.
من أي بيت هي...
تعد عائلة السيدة زينب بنت جحش عائلة فخمة وثرية جدا, ولو أردنا الحديث عن عائلتها وحدها للزمنا الكثير الكثير من الوقت, سواء تكلمنا عن أمها أو أختها أو أخيها أو زوج أختها, لوجدنا أنها حقا عائلة غير عادية....
فأمها.....
هي السيدة أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم, أي أن السيدة زينب هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم, وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم العديد من العمات هن: السيدة أروى, السيدة عاتكة, السيدة صفية, والسيدة أميمة.
وأما أخوها...رجل صدق الله.. فصدقه الله..
فهو عبد الله بن جحش.... ولو أردنا أن نبحث عن رجل يحب الله تبارك وتعالى جدا ويملأ قلبه حب الله سبحانه ويعيش من أجل حياته من أجل الله جل وعلا... فلننظر في سيرة عبد الله بن جحش, زفي كل مرة أتكلم فيها في ندوة عن حب الله تعالى لا أجد نفسي إلا وقد ذكرت عبد الله بن جحش رضي الله عنه, مهما تكررت مرات ذكره.
مات عبد الله بن جحش شهيدا في غزوة أحد, ولو عرفنا الطريقة التي اختار سيدنا عبد الله بن جحش أن يموت بها لأدركنا أن حبه لله حب غير عادي, فقبل الغزوة كل صحابي كان يدعو الله.. مهم من يطلب النصر, ومنهم من يطلب الغنائم, ومنهم من يطلب يعود سالما لبلده, حتى جاء دور عبد الله بن جحش رضي الله عنه فقال:"أما أنا فأدعو.. اللهم إني أسألك أن ترزقني غدا-في المعركة- رجل من الكفار شديد القوة أقاتله ويقاتلني... فأقتله,
ثم ترزقني رجل من الكفار شديد القوة أقاتله ويقاتلني... فأقتله,
ثم ترزقني رجل من الكفار أقاتله وأقاتله... فيقتلني ويبقر بطني, ويجدع أنفي, فآتيك هكذا يوم القيامة,
فتقول لي: لم حدث ذلك لك يا عبد الله؟
فأقول: من أجلك يا رب.
فتقول لي: صدقت"؛ فهو لا يكفيه فقط أن يموت في سبيل الله ولكن يريد أن يقطع جسده.. كل هذا حبا لله تبارك وتعالى.
يقول سعد بن معاذ رضي الله عنه:"فنظرت يا رسول الله وظللت أتبعه, فرأيته يا رسول الله وقد بقرت بطنه وجدعت أنفه, وبجواره اثنين من الكفار فقلت صدق الله فصدقه الله ".
وأما أول سفير في الإسلام...
فقد كان زوج أختها السيدة حمنة بنت جحش, لقد كان سيدنا مصعب بن عمير أجمل فتيان قريش, وبلغتنا الحالية فهو أشيك فتى في قريش أي لأكثر أناقة, كان إذا مر من شارع عرف كل الناس أنه مر منه لرائحة عطره التي تفوح منه, أم عن ثيابه فلم يكن يلبس إلا المستورد بلغة عصرنا, ولكن....منذ أن أسلم وقد حمل الإسلام على كتفه, فقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليعو أهلها هذا الشاب المرفه المدلل, فهو من قام الإسلام على يده في لمدينة, وهو من أدخل كل أهل المدينة في الإسلام, فقد كان مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام, فهل رأينا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار سفراءه, فهو مثل مشرف للدبلوماسي الذي يمثل بلده
وقد استشهد سيدنا مصعب في غزوة أحد, وقد قطعت ذراعيه وهو يحمل الراية, وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عهد إليه بها فكم كان شجاعا, فيا شباب.. يا كل من يعتقد أن الحياة الكريمة اللطيفة تتنافى مع التدين, فلم لا يكون سيدنا مصعب بن عمير قدوة لكم؟, فقد كان الأكثر أناقة بين العرب وأجمل العرب.
وبهذا يكون قد استشهد من عائلة السيدة زينب في غزوة حد أخوها وزوج أختها وأيضا خالها سيدنا حمزة بن عبد المطلب.
وأخيرا...يموت الثلاثة ويظل السؤال..ماذا فعل برسول الله؟....
وكانت السائلة هي السيدة حمنة بنت جحش أخت السيدة زينب, فقد مات أخوها عبد الله وخالها وزوجها مصعب, فقد طلعت السيدة حمنة يوم أحد بين القتلى تنظر وكانت قد أشيعت إشاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل, وقد سمعت السيدة حمنة بهذه الإشاعة, فبينما هي تنظر يبن القتلى يأتيها أحد الصحابة فيقول لها:"يا حمنة, إنا لله وإنا إليه راجعون مات أخوك عبد الله بن جش!"
فترد عليه قائلة:"ماذا فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم؟"! وكأنها لا تسمعه! فهي لا يشغل بالها إلا حبيبها صلى الله عليه وسلم.
هل رأينا! لقد قيل لها أن أخوها قد مات ولم يهمها سوى أن تطمئن على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات فسنته مازالت موجودة... ندافع عنها..ونحفظها..ونحملها لكل الأرض, فهناك الكثير والكثير الذين يعتقدون أن ديننا هو دين إرهاب, ونحن نريد أن نقول لهم...لا, ولكن ليس بالكلام ولكن بأخلاقنا وبأفعالنا ونجاحنا فيعرف الناس أن هؤلاء هم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم, و‘أيضا نمحوا الصورة السيئة عن ديننا بإظهار مدى تكريم الإسلام للمرأة, فنحن أول أمة كرمت المرأة.
وهكذا يقال للسيدة حمنة أن أخوها قد مات, وتقول لهم ما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم؟, فيقولون لها:"هو بخير.".. فتقول:" لا والله حتى أراه بعيني".
وتطلع مرة أخرى فتقابل من يقول لها:"إنا لله وإنا إليه راجعون مات مصعب بن عمير زوجك"
فتقول:" ماذا فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم ".
فيقال لها:"هو بخير.".. فتقول:" لا والله حتى أراه بعيني".
ومرة ثالثة, يقال لها:"إنا لله وإنا إليه راجعون.. مات خالك"
فتقول:" ما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم "........
حتى تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتراه أمامها فتنظر إليه وتقول:"كل مصيبة بعدك هينة يا رسول الله"..أخوها..زوجها..خالها.. وتقول يهون كل شيء مادام الرسول صلى الله عليه وسلم بخير! هل يوجد بيننا من يحب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل حب السيدة حمنة بنت جحش؟!.
هكذا كانت أسرة السيدة زينب... فهل رأينا كيف كان بيتها؟
من سيختار لها الرسول صلى الله عليه وسلم زوجا؟...
ولنبدأ في الحديث عن أمنا زينب, فقد وصلت السيدة زينب إلى سن الزواج, وقد آن الأوان أن تتزوج, وهي مؤمنة موصولة بالله, فطلبت أمها من النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار زوجا مناسبا لها, فمن سيختار لها النبي صلى الله عليه وسلم, من أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة, من الذي يكن له الكثير من الحب؟... إنه متبناه سيدنا زيد بن حارثة, قبل الحديث عن زواج السيدة زينب وسيدنا زيد بن حارثة نتعرض سريعا لقصة سيدنا زيد بن حارثة...
والله ما أنا بالذي يختار عليك أحدا...
أهدت السيدة خديجة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام غلاما كان خالها قد أهداه لها وكان هذا الغلام اسمه زيد, فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقه, وكان هذا الغلام من عائلة عظيمة, وقد سرق من أمه وانتقل من يد إلى يد حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وظل أبوه يبحث عنه في الأرض حتى علم أنه موجود عند شخص يدعى محمد, وقد كان أبوه حزينا جدا على فاق ابنه وله شعر طويل في حبه و حرصه عليه وأنه كلما شرقت الشمس بحث عنه ووو.
وقد وصل أبو زيد وعمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعهم مبلغ من المال ليأخذوا زيدا وقالوا له أنه لو أراد زيادة في المال سيزيدوه..
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"هل لكم في خير من ذلك؟".
فقالوا:"وما ذاك؟".
قال صلى الله عليه وسلم:"نخيره, فإن اختاركم هو لكم, وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي يترك من اختاره بأموال الدنيا". أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد مهم المال في جميع الأحوال.
فقالوا:"أنصفت وزدت", أي أحسنت في الرأي وزيادة.
فأتوا بزيد وقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أتعرف من هذين؟", وهكذا كان اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للسؤال.
فقال زيد:"نعم, هذا أبي وهذا عمي".
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فاختار".
فقال زيد:" والله ما أنا بالذي يختار عليك أحدا", ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث في حينها بعد.
فقال أبوه:"يا زيد انظر ماذا تقول".
فقال زيد:"يا أبت لقد رأيت من هذا الرجل صنيعا ما رأيته من أحد من قبل, وما أنا بالذي يختار عليه أحدا".
فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم من يده, وخرج به إلى الكعبة ووقف أمام الناس وقال:"أيها الناس من اليوم هذا الصبي اسمه زيد بن محمد ولقد أعتقته"
وعاش زيد سنين طويلة اسمه زيد بن محمد قبل أن يحرم التبني, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه جدا.
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها:"و الله ما رسل النبي صلى الله عليه وسلم سرية وفيها زيد إلا وأمره عليها, ولو عاش لاستخلفه الرسول علينا" تخيلوا أن هذا ما تقوله السيدة عائشة وهي ابنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبالرغم من ذلك فهل نرى ماذا تقول ويالها من عادلة, فكأنها تقول لو كان زيد حي لم يكن ليأتي بأبي, وكان أسامة بن زيد يقال عنه الحب بن الحب أي الحبيب بن الحبيب للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن القصص التي تثبت مدى حب النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا زيد, أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في يوم في بيته فطرق الباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من؟", فقال:"زيد", فقام النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا يجر ثيابه فاحتضنه النبي صلى الله عليه وسلم واعتنقه وقبله, فقد كان حبا غير عادي.
وهناك حادثة أخرى تخص سيدنا زيد, فعندما نزلت الآية الخاصة بإبطال التبني "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله... " الأحزاب:5, وذلك لحفظ الأنساب, فمنع على إثر هذه لآية أن يسمى أحد على اسم شخص آخر غير والده, فعندما نزلت هذه الآية حز في نفس سيدنا زيد بعد أن كان يدعى زيد بن محمد, فلا بد أن يعود اسمه كما كان زيد بن حارثة, فإكراما له من الله تبارك وتعالى ورحمة منه أصبح سيدنا زيد الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم "..فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها.." الأحزاب 37, حتى سيدنا أبو بكر الصديق لم يذكر باسمه بل"..ثاني اثنين إذ هما بالغار.." التوبة:40, وهكذا كان سيدنا زيد الوحيد من صحابة رسول الله الذي ذكر اسمه صراحة في القرآن, وهناك طرفة لطيفة تقال في هذا الموضوع:
من الصحابي الذي إذا ذكرت اسمه أخذت ثلاثين حسنة؟
الإجابة: زيد... لأن الحسنة بعشرة أمثالها في القرآن الكريم, ولكن بالطبع لن نقوم بترديد الكلمة بدون مناسبة فلنكن عاقلين J .
وهكذا كان تكريم الله تبارك وتعالى ورحمته بسيدنا زيد.
" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم.."
نعود لقصة زواج السيدة زينب وسيدنا زيد, فكما ذكرنا فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب سيدنا زيد حبا جما, والسيدة زينب هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم, وأمها السيدة أميمة غالية عليه أيضا, فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكرم الاثنين, فأراد صلى الله عليه وسلم أن يكرمهما, فيزوج سيدنا زيد الشاب من السيدة زينب وهي أيضا شابة وهي بنت النسب والشرف, كما أنها هاشمية قرشية ولكنها في نفس الوقت مؤمنة موصولة بالله تبارك وتعالى, فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن تتم هذه الزيجة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والله هو خير الناس" فهو يعرفه ويعرف سماته فهو من رباه.
فقالت السيدة زينب:" والله لا أتزوجه أبدا", فنزل قول الله تعالى"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم..." الأحزاب 36, فكان رد السيدة زينب على النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أتزوجه يا رسول الله طاعة لله ورسوله".
والحقيقة أن هذه الزيجة لن تتم وسيتم الطلاق, ولكن كان هناك هدف آخر من هذه الزيجة سنعرفه بعد قليل, لا تنبغي أبدا من هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجبر النساء على الزواج, فهذه حالة خاصة, ولدينا أدلة كثيرة تثبت أنه لا يمكن إجبار المرأة على الزواج بدا, ومن هذا:
أنه كان للسيدة عائشة جارية تدعى بريرة كانت متزوجة من عبد يسمى مغيث, أي أنهم مثل بعض فهي جارية وهو عبد, وقد أعتقت السيدة عائشة بريرة فأصبح من حقها أن تطلق من مغيث وهذا ما تقتضيه الشريعة فقد أصبحت حرة وما زال هو عبدا, وبالفعل طلبت بريرة أن تطلق من مغيث, وكانت بريرة في مرة تطوف بالكعبة ويطوف مغيث خلفها يبكي ويطلب منها أن لا تفارقه, تخيلوا أن مثل هذا الحب الشديد كان موجودا في هذا العصر! وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس هو والعباس..
فقال العباس:"أتنظر يا رسول الله؟".
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نعم يا عباس".. وقال:"والله إني لأعجب من حب مغيث لبريرة ومن بغض بريرة لمغيث!"
فقال العباس:"ألا تكلمها يا رسول الله؟".
فقال صلى الله عليه وسلم:"نعم أكلمها".
فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليها وقال:"يا بريرة أفلا ترين ما يحدث لمغيث, أفلا تبقين معه يا بريرة.".
فقالت:"أتأمرني يا رسول الله؟".
قال صلى الله عليه وسلم:"لا..بل أنا شافع."
قالت:"لا حاجة لي به يا رسول الله".
قال صلى الله عليه وسلم:"أنت وما تريدين".
وفي حادثة أخرى...
يجيء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ويقول:"يا رسول الله أحدهما موسر والآخر معسر".
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فمن تهوى الفتاة؟", هل رأينا عن ماذا يبحث رسول الله؟ يبحث عن الذي تريده لفتاة.
فقال الرجل:"يا رسول الله أما نحن فهوانا مع الموسر".
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فمن تهوى الفتاة؟".
قال:"هواها مع المعسر".
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أرى للمتحابين إلا النكاح", تخيلوا ن هذا الكلام كان من أكثر من أف وأربعمائة سنة! فمن الذي ضحك علينا وخدعنا وقال أن الإسلام يجبر المرأة على الزواج ممن لا تحب وترضى؟!, أما حالة السيدة زينب وسيدنا زيد فقد كانت حالة استثنائية.
وكذا, تزوجت السيدة زينب من سيدنا زيد... ولكن الحياة لم تكن مستقرة لأنها كانت تشعر بأن هناك فرقا في المستوى الاجتماعي, لأنه كان في الأصل عبدا وقد اعتق وأصبح مولى, أما هي فهي القرشية الهاشمية, وهذه النقطة تلفت نظرنا إلى أمر هام, وهو أن المحافظة على المستوى الاجتماعي في الزواج هو أصل من أصول الإسلام, ولذلك فلا ينبغي أن نقول أنه ليس بالأمر المهم..لا فهو مر مؤثر بعد الزواج, ولكن بالطبع لا ينبغي أن نبالغ في هذا الأمر فهي ليست أو نعرة أو تكبر, ولكن لا بد من التكافؤ بين العريس والعروس, كما أنه لا بد من التكافؤ بين الأسرتين, لأن الأمر ليس مجرد زواج رجل وامرأة, بل هو زواج عائلتين, يقول تعالى"وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا..."الفرقان:54, فهناك ارتباط بين العائلتين غاية في لأهمية حتى تستمر الحياة ويزداد المجتمع قوة, فأحد أهداف الزواج هو أن تربط العائلات ببعضها فيزداد المجتمع قوة, ولهذا كان التكافؤ الاجتماعي في الزواج مطلوبا.
وهكذا لم تستطع السيدة زينب أن تكمل وأرادت أن تطلق, وبدأ سيدنا زيد للنبي صلى الله عليه وسلم شاكيا سوء معاملة السيدة زينب له رافضا أن يعامله أحد بهذه الطريقة, فيقول له النبي وهو يحثه على الصبر:"أمسك عليك زوجك واتق الله", فلماذا قال له هذا؟.
تقول الآية السادسة والثلاثين من سورة الأحزاب "....وتخفي في نفسك ما الله مبديه...", فما هو هذا الشيء؟؟!! استغل المستشرقون هذه الآية وقالوا كلاما لا أصل له, فقد فسروها على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفي في نفسه أنه بتمني أن يتزوج من السيدة زينب...يا له من كلام مضحك! ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بسرد قصة لا أساس لها من الصحة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب لزيارة سيدنا زيد فلم يجده, وكانت السيدة زينب موجودة وكانت ترتدي ثيابا شفافة...الحقيقة أنه كلام لا يليق أن يقال... وقالت السيدة زينب ادخل يا رسول الله فرفض النبي صلى الله عليه وسلم وولى مدبرا وهو يقول سبحان الله العظيم سبحان مقلب القلوب, أي أن قلبه صلى الله عليه وسلم قد تعلق بها وهذا هو ما يخفيه في نفسه! فإياكم أن تصدقوا هذا الكلام فهو كلام لا أصل له أبدا, حتى وإن كان مثل هذه الروايات موجودا في بعض الكتب التي لها جذور إسلامية فهي روايات هشة جدا وضعيفة جدا.
ولكن ما هو الشيء الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه؟.
"...لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزوج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا.."
الحقيقة هي أن الله تبارك وتعالى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم نه سيتزوج من السيدة زينب, فشعر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر صعب فكيف يتزوج بامرأة كانت متزوجة من ابنه الذي تبناه, وهو أمر شاق جدا, وقد تحمل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من أعباء الدعوة وهي ليست بالسهلة وكان منها هذا الأمر.. فكيف يتزوج من امرأة كان ابنه متزوجها, وهذا الأمر يرد في نفس الوقت على الذين قالوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفي حب السيدة زينب, وكما قلنا فهو أمر مضحك ولسبب واضح: فمن الذي زوج زيد وزينب؟ ألأم يكن هو صلى الله عليه وسلم؟! وسؤال آخر هل كن النبي صلى الله عليه وسلم بعرف السيدة زينب من قبل أم لا؟! ألم تكن ابنة عمته؟! ألم يكن يراها من قبل أم لا ؟! فما الذي كان يمنعه أن يتزوج هو منها صلى الله عليه وسلم ولماذا يزوجها من سيدنا زيد؟! لقد كانت هناك من هذا الزواج أرادها الله تبارك وتعالى... فما هي هذه الحكمة؟.......
أراد الله تبارك وتعالى أن يبطل قاعدة التبني فنزل قوله تعالى"ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله... " الأحزاب:5, وهكذا بطل التبني..ولكن قد يبقى أثر لموضوع التبني في نفوس الناس, فأراد الله تبارك وتعالى أن يزيل هذه الآثار تماما من النفوس, وذلك بأن يقتلعها اقتلاعا, فكانت إرادته سبحانه وتعالى أن يضرب المثل للناس تثبت أنه لو كان هناك أي أثر للتبني لما أمكن أن تتم هذه الزيجة, فكانت حكمته تبارك وتعالى أن يتزوج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مطلقة الرجل الذي كان ابنه, وبهذا لا يكون هناك أي أثر لقاعدة التبني داخل نفوس الناس.
وتنزل الآية المعلقة على هذه الأحداث, يقول الله تبارك تعالى"وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزوج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا" الأحزاب:37.
ولننظر سويا إلى هذه الآية...." وإذ تقول للذي أنعم الله عليه –بالإسلام- وأنعمت عليه –بأنك ربيته- أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس-ما الذي سيقوله المنافقين من أنه تزوج من زوجة ابنه فشعر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مسألة صعبة- والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها-أمر من الله تبارك وتعالى بنفسه- لكي-السبب- لا يكون على المؤمنين حرج في أزوج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا", وتعد هذه الآية من دلائل لنبوة فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم ليس بنبي وهو الذي يؤلف القرآن فهل من المعقول أن ينزل آية تتحدث عنه هكذا؟! فهو لم يخبئ كلمة حتى الكلام الذي كان يوجه له انه يخبئ شيئا في نفسه قد قيل, ولو كان في نفس النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من السيدة زينب هل من الممكن أن تنزل آيات فيها إحراج للنبي صلى الله عليه وسلم, هذا الكلام يعد من العقل!
ولما كانت السيدة زينب تحب أن تتيه وتفتخر على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول لهن:"كلكن زوجكن آباءكن وأمهاتكن أما أنا فزوجني الله من فوق سبع سماوات", وكأنها تقول لهن أنها تزوجت بقرار رباني بآية نزلت من القرآن الكريم.
وهكذا قضى الله على التبني بحكمته جل وعلا... وللأسف فقد أصبحنا نحن المسلمين نخاف ونتردد من أي شبهة تلقى على ديننا, فلا يصح هذا أبدا فديننا كله خير, وإن كان هناك أمر لا نعرفه فلنقل أننا لا نعرف ولكن ونحن متأكدين أن ديننا كله خير, ولا يجب أن نشك أو نعتقد أن هناك أمر في ديننا نخجل منه, كما أننا لا نخجل أبدا من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج من اثنتي عشرة امرأة قفد كانت زيجاته لمصلحة الإسلام كما رأينا في قصة السيدة زينب, كما كان أيضا في كثير من الأحوال رحمة بالأرامل والضعيفات.
أولكن لحاقا بي أطولكن يدا..
وتم الزواج المبارك, فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب, قد تزوجها بع غزوة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة, وظل النبي صلى الله عليه وسلم معها حتى مات صلى الله عليه وسلم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرة من المرات:"أولكن لحاقا بي أطولكن يدا", فبعد وفاته صلى الله عليه وسلم كانت الزوجات يقفن عند الحائط ويقسن من هي أطول الزوجات يدا ليعرفن من هي أولهن لحاقا بالنبي صلى الله عليه وسلم فكانت السيدة سودة هي أضخم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأضخمهن و أطولهن يدا, فلما ماتت السيدة زينب بنت جحش فهمن أن معنى أطولهن يدا هو أكثرهن صدقة, فهل رأينا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع زوجاته على الإنفاق, فلنتصدق ولنكثر من الصدقة فهي من أحب الأعمال إلى الله والتي تقربنا إليه سبحانه, فكانت أمنا زينب أكثر أم من أمهات المؤمنين تحب الصدقة وتتصدق.
وقد حدث بعد الفتوحات الإسلامية أن سيدنا عمر بن الخطاب قد رتب لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم راتب سنوي قدره مئة ألف درهم ونلمس من هذا مدى حبه لأمهات المؤمنين, فلم تجب الزكاة أبدا على هذا المبلغ بالنسبة للسيدة زينب لأنها كانت تنفقه في الصدقات قبل أن يحول عليه الحول-أي أن تمر سنة-, لدرجة أنه في مرة من المرات جاءت للمسلمين غنائم كثيرة فأرسل لها بمبلغ مئة ألف درهم وهو مبلغ كبير جدا فتخيلوا كيف كان من أكثر من ألف وأربعمائة سنة, فوضع المبلغ أمامها فوضعت قطعة من القماش على المال وأحضرت قطع صغيرة من القماش, وبدأت تأخذ كبشة من المال من تحت لغطاء و تضعه في إحدى الصرر-قطعة القماش الصغيرة- وتغلقها وتعطيه امن عندها وتقول اذهبي به إلى بيت فلان وأعطيه دون أن ترى كم أخذت, وهذا حتى نزلت القماشة فكشفت الغطاء, فقالت:"الحمد لله لا أبيت وكل هذا المال في بيتي".
فلما علم عمر بن الخطاب ونحن نعلم شدته أرسل لها ألف درهم لكي تستخدمهم لطعامها, فقالت:"الهم إني أسألك أن لا يأتي علي العام القادم ويأتيني مثل هذا المال" فماتت في نفس العام وقد أنفقت الألف درهم التي أرسلها لها سيدنا عمر بن الخطاب.
وقد كانت السيدة زينب صناعة.. تغزل وتصبغ ووو وبعض الحرف النسائية, إنه لأمر عجيب كل هذا كي تبيعهم وتتصدق بثمنهم, وكأنها تحب الصناعة لكي تكون مصدرا لها للنقود لكي تتصدق بها, وحتى تكون نقودها وليست لنقود التي يعطيها إياها عمر بن الخطاب.. فهل نحب الصدقة كما تحبها أمنا زينب بنت جحش؟! وهل يتمنى أحد منا أن يكون مثلها؟, يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"والصدقة تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار"أي أنها تطفئ غضب الله علينا عند العصية, ويقول صلى الله عليه وسلم"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب والله لا يقبل إلا طيب فإن الله يتقبلها منه بيمينه ويربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوة-المهر حتى يصبح حصانا-حتى يلقى الله يوم القيامة واللقمة كجبل أحد", فيا ترى كم يكون قدر الألف ليرة أو الألف جنيه عند الله عز وجل؟!
تقول السيدة عائشة عن السيدة زينب: أحب نساء النبي إلى النبي بعدي.
ماتت أمنا زينب في السنة العشرين من الهجرة, وهي أول أمهات المؤمنين ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهنا ملاحظة هامة فقد ماتت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعده بمدة كبيرة, فهاهي السيدة زينب أولهن وفاة ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين, وذلك لكي ينقلوا لنا الدين الإسلامي, فأمهاتنا هن الذين نقلوا لنا الدين, أب ديننا وصل إلينا عن طريق النساء, فيا كل امرأة تعتقد أنها لا دور لها في الإسلام و أنها مهمة الرجال أن ينشروا الإسلام فأمهاتنا هن من نشرن ديننا, ويجب على كل الرجال أن يساعدوا النساء في معرفة دورهن تجاه الإٌسلام.
دفنت أمنا زينب في البقيع, وقد صلى عليها سيدنا عمر بن الخطاب, وخرج في جنازتها كل أمهات المؤمنين, وقد فهمن حديث النبي صلى الله عليه وسلم" أولكن لحاقا بي أطولكن يدا".
جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار
نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة –و هو المصطلق- بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقيا و عمرو هو أبو خزاعة كلعا الخزاعية المصطلقية
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ان بني المصطلق –و هم حي من خزاعة- يجمعون الجموع لقتال المسلمين بقيادة زعيمهم الحارث بن ابي ضراربن حبيب المصطلق الخزاعي فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم و معه من زوجاته السيدة عائشة رضي الله عنها حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع فكان قتال انتهى بهزيمة بني المصطلق و سيقت نسائهم سبايا و فيهن برة بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب سيد القوم و قائدهم أو جويرية كما سماها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم الى المدينة فبينما هو جالس يوما في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها سمعت امرأة تستأذن في لقائه صلى الله عليه و سلم و قامت السيدة عائشة رضي الله عنها الى الباب و دخلت السيدة جويرية فقالت : يا رسول الله انا بنت الحارث بن ابي ضرار سيد قومه و قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على أمري فرق قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم للعربية الخزاعية بنت سيد بني المصطلق في موقفها ببابه ضراعة اليه و ليس لها من تلوذ به في محنتها سواه
و تكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : فهل لك في خير من هذا ؟
فسألت : و ما هو يا رسول الله
فقال : أقضي عنك كتابتك و أتزوجك
فقالت و قد تهلل وجهها : نعم يا رسول الله
فقال صلى الله عليه و سلم : قد فعلت
و يقال ان اباها أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال له : ان ابنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذلك
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أرأيت ان خيرناها
فأتاها أبوها فقال : ان هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا
فقالت : اخترت الله و رسوله
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم فصارت اما للمؤمنين و لما علم الناس ذلك قالوا : أصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم فأطلقوا الاسارى من بني المصطلق و قيل انه قد اعتق بفضل زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل مائة بيت من بيوت بني المصطلق فكانت امرأة عظيمة البركة على اهلها و لم تعرف امرأة لها بركتها على أهلها مثل أم المؤمنين جويرية عليها السلام
و قيل ان ابوها الحارث جاء الى المدينة و معه ابل يفدي بها ابنته فرغب في بعيرين من الابل فغيبهما في شعب من شعاب وادي العقيق فلما قدم قال يا محمد اخذتم ابنتي و هذا فداؤها فقال اين البعيران اللذان غيبتهما في وادي العقيق في شعب كذا فقال أشهد ان لا اله الا الله و انك رسول الله فوالله ما اطلع على ذلك الا الله تعالى و أسلم و أسلم له ابنان و ناس من قومه و ارسل الى البعيرين فجيء بهما فدفع الابل الى النبي صلى الله عليه و سلم و دفعت له ابنته فخطبها رسول النبي صلى الله عليه و سلم من ابيها فزوجه اياها و اصدقها اربعمائة درهم و هي بنت عشرين سنة و ذلك في سنة خمس من الهجرة
و كانت رضي الله عنها متزوجة قبل رسول الله من مسافع بن صفوان المصطلقي ابن عم لها و كان قد قتل يوم المريسيع
و قد سماها رسول الله صلى الله عليه و سلم جويرية بدلا من برة كراهة ان يقال :خرج من عند برة
عبادتها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها كثيرة الصلاة و التسبيح و قج روى الامام مسلم –رحمه الله- في صحيحه ان عن ابن عباس عن جويرية ان النبي صلى الله عليه و سلم خرج عندها بكرة حين صلى الصبح و هي في مسجدها ثم رجع بعد ان أضحى و هي جالسة فقال : مازلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم قال النبي صلى الله عليه و سلم : لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته رواه مسلم
روايتها رضي الله عنها للحديث
و قد روت رضي الله عنها احاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مخرجة في الكتب الستة
و يقول الأمام الذهبي –رحمه الله- جاء لها سبعة أحاديث منها عند البخاري حديث و عند مسلم حديثان و من الرواه عنها عبد الله بن عباس رضي الله عنه
وفاتها رضي الله عنها
و قد ظلت رضي الله عنها على عبادتها و تقواها الى ان توفيت سنة خمسين و قيل سنة ستة و خمسين –و هو الاغلب- في خلافة معاوية رضي الله عنه و كان عمرها سبعين سنة و صلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة حينئذ و قيل توفيت سنة خمسين و هي بنت خمس و ستين سنة رضي الله عنها و الحقها برسول الله صلى الله عليه و سلم و جزاها عنا وعن قومها كل الخير
صفية بنت حيي
السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن ابي الحبيب بن النضير بن النحام بن ناخوم من سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام ثم من ذرية هارون بن عمران عليه السلام أخي موسى كليم الله عليه السلام أمها : برة بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظي
و على الرغم من انها لم تكن قد تجاوزت السابعة عشرة الا انها كانت رضي الله عنها قد تزوجت سلام بن مشكم القرظي ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن ابي الحقيق النضري و هما شاعران و قد قتل كنانة يوم خيبر
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
لما من الله تعالى على المسلمين بفتح خيبر جاء دحية الكلبي رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله اعطني جارية
فقال : اذهب فخذ جارية فأخذ صفية رضي الله عنها
فقال رجل : يا رسول الله أعطيت دحية صفية و هي سيدة بني قريظة و النضير لا تصلح الا لك
فقال : ادعه بها فجاء بها
فقال : خذ جارية غيرها فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم و تزوجها
و عن أم أنس بن مالك قال جابر بن عبد الله : جئ يوم خيبر بصفية للنبي صلى الله عليه و سلم فقال لبلال خذ بيد صفية فأخذ بيدها و مر بها بين المقتولين في ساحة القتال التي امتلأت بالقتلى فوجد صلى الله عليه و سلم ان السيدة صفية رضي الله عنها قد بدا عليها الحزن الصامت و الجزع المكبوت و هي تحاول ان تتماسك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنزعت يا بلال منك الرحمة حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما ؟ ثم أمر بصفية فحيزت خلفه فكان ذلك اعلاما بأنه صلى الله عليه و سلم قد اصطفاها لنفسه و قد خيرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بين ان يعتقها فترجع الى من بقى من اهلها و بين ان تسلم و يتزوجها فاختارت الله و رسوله
و في حديث عن أنس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أخذ السيدة صفية بنت حيي قال لها : هل لك في ؟
قالت : يا رسول الله قد كنت أتمنى ذلك في الشرك فكيف اذا أمكنني الله منه في الاسلام ؟
فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم و تزوجها و دفعها الى أم سليم تهيئها و تعتد عندها و اقام رسول الله صلى الله عليه و سلم لها وليمة فقال : من كان عنده شئ فليجئ به فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه و سلم
رؤيا و بشارة
كانت السيدة صفية قد رأت رؤيا في منامها ان قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لابيها فضرب وجهها ضربة أثرت فيه و قال : انك لتمدين عنقك الى ان تكوني عند ملك العرب و مازال الاثر في وجهها حتى أتى بها الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألها عنه فأخبرته الخبر
عداء مسبق
تقول السيدة صفية بنت حيي بن أخطب : كنت أحب ولد ابي اليه و الى عمي بن ياسر لم القهما قط مع وع ولدهما الا أخذاني دونه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة و نزل قباء غدا عليه ابي و عمي مغلسين فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس فأتيا كالين ساقين يمشيان الهوينا فهششت اليهما كما كنت اصنع فوالله ما التفت الي واحد منهما مع ما بهما من الغم و سمعت عمي ابا ياسر و هو يقول لابي : أهو هو؟
قال : نعم و الله
قال عمي : أعرفه و تثبته ؟
قال : نعم
قال : فما في نفسك منه ؟
قال : عداوته والله ما بقيت
صفية رضي الله عنها في بيت النبوة
كانت ازواج الرسول صلى الله عليه و سلم قد تفاخرن على السيدة صفية بأنهن قرشيات عربيات و هي الاجنبية الدخيلة و بلغها كلام عن السيدة حفصة و السيدة عائشة رضي الله عنهما فحزنت و تألمت وحدثت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي تبكي فقال لها: الا قلت : و كيف تكونان خيرا مني و زوجي محمد و أبي هارون و عمي موسى ؟
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يشعر بغربتها رضي الله عنها فكان يدافع عنها كلما اتيحت له الفرصة و قيل انه صلى الله عليه و سلم كان في سفر و معه صفية و زينب بنت جحش رضي الله عنهما فاعتل بعير صفية رضي الله عنها فبكت فجاءها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أخذ يمسح دموعها بيده الشريفة و كان في ابل السيدة زينب رضي الله عنها فضل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : ان بعير صفية أعتل فلو أعطيتها بعيرا ؟ فأبت السيدة زينب فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هجر السيدة زينب رضي الله عنها شهرين أو ثلاثة ثم سامحها فها هو سيد الخلق أجمعين يهجر المهاجرة زوجته التي زوجها اياه رب العالمين و ابنة عمته غضبا للسيدة صفية رضي الله عنها
و كانت رضي الله عنها تحب رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا عظيما و روي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرض موته قالت له السيدة صفية : و الله يا نبي الله لوددت ان الذي بك بي فغمزها ازواجه فأبصرهن فقال صلى الله عليه و سلم : مضمضن قلن : من تغامزكن بها والله انها لصادقة
حلمها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها وقورة حليمة و روي ان جارية قالت لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه : ان صفية تحب السبت و تصل اليهود فبعث عمر يسألها فقالت : أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة و اما اليهود فان لي فيهم رحما فأنا أصلها ثم قالت للجارية : ما حملك على ما صنعت ؟
قالت : الشيطان
قالت : فاذهبي فأنت حرة
موقف لا ينسى
لما ابتلى الله تعالى عبده ذا النورين عثمان رضي الله عنه بالحصار كانت السيدة صفية رضي الله عنها من الذين دافعوا عنه فروي عن كنانة -مولى صفية رضي الله عنها- قال : قدمت صفية رضي الله عنها في حجابها على بغلة لترد عن عثمان فلقينا الاشتر فرب وجه البغلة و هو لا يعرف راكبتها فقالت لي صفية رضي الله عنها : ردني لا تفضحني ثم وضعت أم المؤمنين عليها السلام خشبا من منزلها الى منزل عثمان رضي الله عنه تستخدمه معبرا تنقل عليه الماء و الطعام
أمرها رضي الله عنها بالمعروف و نهيها عن المنكر
روى الامام أحمد بسنده عن صهيرة بنت جعفر قالت : حججنا ثم انصرفنا الى المدينة فدخلنا على صفية بنت حيي رضي الله عنها فواقفنا عندها نسوة من أهل الكوفة فقلن لها : ان شئتن سألتن و سمعنا و ان شئتن سألنا و سمعتن
فقلنا : سلن
فسألن عن اشياء من أمر المرأة و زوجها و من أمر المحيض ثم سألن عن نبيذ الجر فقالت : أكثرتم يا أهل العراق من نبيذ الجر و ما على احداكن ان تطبخ تمرها ثم تدلكه ثم تصفيه فتجعله في سقائها توكئ عليه فاذا طاب شربت و سقت زوجها و في رواية اخرى فقالت رضي الله عنها: حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم نبيذ الجر
صفية رضي الله عنها راوية حديث
من الذين رووا عن السيدة صفية ابن اخيها و مولاها كنانة و مولاها يزيد بن متعب و الامام زين العابدين علي بن الحسين و مسلم بن صفوان و حديثها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مخرج في الكتب الستة
وفاتها رضي الله عنها
توفيت رضي الله عنها سنة خمسين من الهجرة في زمن معاوية رضي الله عنه و دفنت رضي الله عنها بالبقيع مع أمهات المؤمنين الحقها بحبيبها صلى الله عليه و سلم رحمها الله تعالى و الحقنا برسول الله صلى الله عليه و سلم و بها و بأمهات المؤمنين جميعا ان شاء الله
أم حبيبة بنت ابي سفيان
السيدة أم حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين رملة ابنة أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف و هو جد الرسول صلى الله عليه و سلم و ليس في أمهات المؤمنين من هي أقرب الى رسول الله صلى الله عليه و سلم نسبا منها
و امها هي صفية بنت ابي العاص بن أمية بن عبد شمس و هي من بنات عم الرسول صلى الله عليه و سلم و أخوها هو أمير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه
كانت رضي الله عنها زوجة لابن عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم عبيد الله بن جحش الاسدي اخي أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان زوجها عبيد الله رضي الله عنه قد أسلم فأسلمت معه و أبوها أبو سفيان على الكفر و خشيت رضي الله عنها اذى ابيها فهاجرت مع زوجها الى الحبشة –بلد النجاشي رضي الله عنه- و كانت مثقلة بحملها و في الحبشة وضعت بنتها حبيبة التي كنيت بها بعد ذلك
غربة و وحدة
كانت رضي الله عنها تحاول ان تجد في زوجها عوضا عما فارقته من الاهل و العشيرة و لكنها قامت ذات ليلة من نومها مذعورة و قد روعها حلم مرعب فقد رأت زوجها عبيد الله في أسوأ صورة و لما أصبحت اخبرها انه قد ارتد عن دينه و دخل النصرانية دين الاحباش فعاشت رضي الله عنها في غم و حزن وحيدة في بلد غريبة حتى اعتزلت الناس شاعرة بالخزي لفعلة زوجها
زواجها برسول الله صلى الله عليه و سلم
و مرت فترة من الزمن و هي في عزلتها وحيدة الى ان جاءتها في أحد الايام جارية من جواري النجاشي رضي الله عنه تدعى ابرهة فبشرتها بخطبة رسول الله صلى الله عليه و سلم لها فأعطتها أم حبيبة سوارين من فضة و خدمتين -خلخالين- و خواتم من فضة لبشارتها اياها بذلك و كان وكيلها في الزواج خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و قد اصدقها رسول الله صلى الله عليه و سلم اربعمائة دينار و قيل اربعة الاف فكانت اكثر نساء رسول الله صلى الله عليه و سلم مهرا و كانت الوحيدة من بين نسائه صلى الله عليه و سلم التي تزوجها و هي غائبة و قد أولم لها النجاشي وليمة زواج عظيمة قائلا : اجلسوا فأن سنة الانبياء اذا تزوجوا ان يؤكل طعام على التزويج و أولم عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه لحما و ثريدا
و كان النجاشي قد أمر نساءه ان يهدينها فأخذن يتبارين في اهدائها العطر و غيره كرامة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و اصبحت فجاءتها جارية النجاشي تحمل هدايا نساء الملك من عود و عنبر و طيب فقدمت اليها أم المؤمنين خمسين دينارا من صداقها قائلة : كنت أعطيك السوارين بالأمس و ليس بيدي شئ من المال و قد جاءني الله عز و جل بهذا فأبت الجارية ان تمس الدنانير و ردت السوارين و قالت ان الملك قد أجزل لها العطاء و أمرها الا تأخذ من أم المؤمنين شيئا
و عندما بلغ أبوها خبر الزواج المبارك و كان لا يزال على الكفر قال : ذلك الفحل لا يقدع انفه أي انه كفء كريم لا يرفض نسبه
فلما انتصر المسلمون في غزوة خيبر عادوا الى المدينة ليجدوا مهاجري الحبشة و قد جاءوا في صحبة عمرو بن أمية الضمري الذي بعثه النبي صلى الله عليه و سلم الى النجاشي ليعود بمن بقى في بلاده من المهاجرين الاولين
فلما لمح رسول الله صلى الله عليه و سلم اصحابه قد عادوا وثب صلى الله عليه و سلم من فوق راحلته و التزم ابن عمه جعفر بن ابي طالب معانقا و قبل عينيه و هو يقول في غبطة : ما أدري بأيهما انا أسر : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر و كان من بين العائدات أم حبيبة رضي الله عنها و قد مضى على زواجه بها بضع سنين مذ كانت مهجرها بالحبشة فاحتفلت المدينة بدخول بنت ابي سفيان بيت النبي صلى الله عليه و سلم و أولم عثمان بن عفان رضي الله عنه وليمة حافلة و كانت السيدة أم حبيبة تدنو من عامها الاربعين
أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة
و عاشت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة كريمة مطمئنة و ان كانت تشعر في اعماقها حزنا قاسيا لان اباها لا يزال على الوثنية الضالة و كانت رضي الله عنها حريصة على كل ما يخص رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أمام أقرب الناس اليها فيروى انه عندما نقضت قريش صلح الحديبية علمت ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لن يسكت على ظلم فارسلوا ابي سفيان يفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم في تجديد الهدنة خوفا من ان يغزو رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة فدخل ابو سفيان على لبنته أم حبيبة عندما اتى المدينة ليفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد ان يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم فطوته عنه
فقال : يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟
فقالت رضي الله عنها: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم و انت امرؤ مشرك فلم أحب ان تجلس عليه
فقال : يا بنية لقد اصابك بعدي شر
استجابة الله تعالى دعائها رضي الله عنها
أتت أم حبيبة رضي الله عنها عثمان بن عفان عندما حوصر فجاء رجل فأطلع في خدرها فجعل ينعتها للناس فقالت رضي الله عنها : ما له قطع الله يده و ابدى عورته ؟ فدخل على هذا الرجل الفاسق داخل فضربه بالسيف فألقى بيمينه فقطع فانطلق هاربا اخذا ازاره بفيه بادية عورته فاستجاب بذلك الله تعالى لدعوتها رضي الله عنها
حرصها على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
في حديث رواه البخاري تروي زينب بنت ابي سلمة و تقول : دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم حين توفي ابوها أبو سفيان رضي الله عنه فدعت ام حبيبة بطيب فيه سفره خلوف او غيره فدهنت منه جاريه ثم مست بعارضيها ثم قالت : و الله ما لي في الطيب من حاجة غير اني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الاخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربة أشهر و عشرا فمست رضي الله عنها الطيب –و لا حاجة لها فيه- حتى لا تكون راغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
عبادتها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها عابدة لله تعالى كثيرة الصلاة فعنها رضي الله عنه قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من صلى اثني عشرة ركعة في يوم و ليلة بني له بيت في الجنة
قالت أم حبيبة : فما ترتكتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه و سلم
رواية الحديث
روت أم حبيبة رضي الله عنها خمسة و ستين حديثا
وفاتها رضي الله عنها
عن عائشة رضي الله عنها قالت : دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم عند موتها فقالت : قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله ذلك كله و تجاوزه و حللتك من ذلك كله
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها :سررتني سرك الله و ارسلت الى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك
و توفيت رحمها الله سنة اربعة و اربعين في خلافة أخيها معاوية بن ابي سفيان و دفنت بالبقيع فجزاها الله تعالى عنا جميعا كل الخير و اكرمنا بلقياها في الجنة ان شاء الله
نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين رملة ابنة أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف و هو جد الرسول صلى الله عليه و سلم و ليس في أمهات المؤمنين من هي أقرب الى رسول الله صلى الله عليه و سلم نسبا منها
و امها هي صفية بنت ابي العاص بن أمية بن عبد شمس و هي من بنات عم الرسول صلى الله عليه و سلم و أخوها هو أمير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه
كانت رضي الله عنها زوجة لابن عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم عبيد الله بن جحش الاسدي اخي أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان زوجها عبيد الله رضي الله عنه قد أسلم فأسلمت معه و أبوها أبو سفيان على الكفر و خشيت رضي الله عنها اذى ابيها فهاجرت مع زوجها الى الحبشة –بلد النجاشي رضي الله عنه- و كانت مثقلة بحملها و في الحبشة وضعت بنتها حبيبة التي كنيت بها بعد ذلك
غربة و وحدة
كانت رضي الله عنها تحاول ان تجد في زوجها عوضا عما فارقته من الاهل و العشيرة و لكنها قامت ذات ليلة من نومها مذعورة و قد روعها حلم مرعب فقد رأت زوجها عبيد الله في أسوأ صورة و لما أصبحت اخبرها انه قد ارتد عن دينه و دخل النصرانية دين الاحباش فعاشت رضي الله عنها في غم و حزن وحيدة في بلد غريبة حتى اعتزلت الناس شاعرة بالخزي لفعلة زوجها
زواجها برسول الله صلى الله عليه و سلم
و مرت فترة من الزمن و هي في عزلتها وحيدة الى ان جاءتها في أحد الايام جارية من جواري النجاشي رضي الله عنه تدعى ابرهة فبشرتها بخطبة رسول الله صلى الله عليه و سلم لها فأعطتها أم حبيبة سوارين من فضة و خدمتين -خلخالين- و خواتم من فضة لبشارتها اياها بذلك و كان وكيلها في الزواج خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و قد اصدقها رسول الله صلى الله عليه و سلم اربعمائة دينار و قيل اربعة الاف فكانت اكثر نساء رسول الله صلى الله عليه و سلم مهرا و كانت الوحيدة من بين نسائه صلى الله عليه و سلم التي تزوجها و هي غائبة و قد أولم لها النجاشي وليمة زواج عظيمة قائلا : اجلسوا فأن سنة الانبياء اذا تزوجوا ان يؤكل طعام على التزويج و أولم عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه لحما و ثريدا
و كان النجاشي قد أمر نساءه ان يهدينها فأخذن يتبارين في اهدائها العطر و غيره كرامة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و اصبحت فجاءتها جارية النجاشي تحمل هدايا نساء الملك من عود و عنبر و طيب فقدمت اليها أم المؤمنين خمسين دينارا من صداقها قائلة : كنت أعطيك السوارين بالأمس و ليس بيدي شئ من المال و قد جاءني الله عز و جل بهذا فأبت الجارية ان تمس الدنانير و ردت السوارين و قالت ان الملك قد أجزل لها العطاء و أمرها الا تأخذ من أم المؤمنين شيئا
و عندما بلغ أبوها خبر الزواج المبارك و كان لا يزال على الكفر قال : ذلك الفحل لا يقدع انفه أي انه كفء كريم لا يرفض نسبه
فلما انتصر المسلمون في غزوة خيبر عادوا الى المدينة ليجدوا مهاجري الحبشة و قد جاءوا في صحبة عمرو بن أمية الضمري الذي بعثه النبي صلى الله عليه و سلم الى النجاشي ليعود بمن بقى في بلاده من المهاجرين الاولين
فلما لمح رسول الله صلى الله عليه و سلم اصحابه قد عادوا وثب صلى الله عليه و سلم من فوق راحلته و التزم ابن عمه جعفر بن ابي طالب معانقا و قبل عينيه و هو يقول في غبطة : ما أدري بأيهما انا أسر : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر و كان من بين العائدات أم حبيبة رضي الله عنها و قد مضى على زواجه بها بضع سنين مذ كانت مهجرها بالحبشة فاحتفلت المدينة بدخول بنت ابي سفيان بيت النبي صلى الله عليه و سلم و أولم عثمان بن عفان رضي الله عنه وليمة حافلة و كانت السيدة أم حبيبة تدنو من عامها الاربعين
أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة
و عاشت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة كريمة مطمئنة و ان كانت تشعر في اعماقها حزنا قاسيا لان اباها لا يزال على الوثنية الضالة و كانت رضي الله عنها حريصة على كل ما يخص رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أمام أقرب الناس اليها فيروى انه عندما نقضت قريش صلح الحديبية علمت ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لن يسكت على ظلم فارسلوا ابي سفيان يفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم في تجديد الهدنة خوفا من ان يغزو رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة فدخل ابو سفيان على لبنته أم حبيبة عندما اتى المدينة ليفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد ان يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم فطوته عنه
فقال : يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟
فقالت رضي الله عنها: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم و انت امرؤ مشرك فلم أحب ان تجلس عليه
فقال : يا بنية لقد اصابك بعدي شر
استجابة الله تعالى دعائها رضي الله عنها
أتت أم حبيبة رضي الله عنها عثمان بن عفان عندما حوصر فجاء رجل فأطلع في خدرها فجعل ينعتها للناس فقالت رضي الله عنها : ما له قطع الله يده و ابدى عورته ؟ فدخل على هذا الرجل الفاسق داخل فضربه بالسيف فألقى بيمينه فقطع فانطلق هاربا اخذا ازاره بفيه بادية عورته فاستجاب بذلك الله تعالى لدعوتها رضي الله عنها
حرصها على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
في حديث رواه البخاري تروي زينب بنت ابي سلمة و تقول : دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم حين توفي ابوها أبو سفيان رضي الله عنه فدعت ام حبيبة بطيب فيه سفره خلوف او غيره فدهنت منه جاريه ثم مست بعارضيها ثم قالت : و الله ما لي في الطيب من حاجة غير اني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الاخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربة أشهر و عشرا فمست رضي الله عنها الطيب –و لا حاجة لها فيه- حتى لا تكون راغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
عبادتها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها عابدة لله تعالى كثيرة الصلاة فعنها رضي الله عنه قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من صلى اثني عشرة ركعة في يوم و ليلة بني له بيت في الجنة
قالت أم حبيبة : فما ترتكتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه و سلم
رواية الحديث
روت أم حبيبة رضي الله عنها خمسة و ستين حديثا
وفاتها رضي الله عنها
عن عائشة رضي الله عنها قالت : دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم عند موتها فقالت : قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله ذلك كله و تجاوزه و حللتك من ذلك كله
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها :سررتني سرك الله و ارسلت الى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك
و توفيت رحمها الله سنة اربعة و اربعين في خلافة أخيها معاوية بن ابي سفيان و دفنت بالبقيع فجزاها الله تعالى عنا جميعا كل الخير و اكرمنا بلقياها في الجنة ان شاء الله
ميمونة بنت الحارث
السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن ابن بجير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة و أمها : هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير التي كان يقال لها : أكرم عجوز في الارض و شقيقاتها لبابة الكبرى –أم الفضل-و لبابة الصغرى و اخوتها لامها أسماء بنت عميس و سلمى بنت عميس و خالة ابناء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه (لان زوجته رضي الله عنه هي لبابة الكبرى بنت الحارث) و خالة كل من ابناء جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه و محمد بن ابي بكر و يحي بن علي بن ابي طالب (أمهم اسماء بنت عميس) و خالة ابناء حمزة بن عبد المطلب أسد الله و شهيد أحد رضي الله عنه (أمهم سلمى بنت عميس) كانت رضي الله عنها زوجة أبي رهم بن عبد العزى العامري القرشي وهي أول امرأة امنت بعد خديجة رضي الله عنها
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم في عام القضاء خطبها له جعفر بن ابي طالب فجعلت أمرها للعباس رضي الله عنه فزوجها النبي صلى الله عليه و سلم
و أراد النبي صلى الله عليه و سلم ان يبني بها في مكة و لكن قريشا أرسلت حويطب بن عبد العزى و نفرا معه فقالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم : قد انقضى اجلك فأخرج عنا
فقال صلى الله عليه و سلم : و ما عليكم فأعرست بين أظهركم فصنعت لكم طعاما فحضرتموه
قالوا : لا حاجة لنا بطعامك فاخرج عنا
فخرج صلى الله عليه و سلم بالسيدة ميمونة فأعرس بها في سرف قرب التنعيم بطريق مكة و كان ذلك في ذي القعدة من سنة سبع
و قيل ان رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوجها و هو محرم و لكن الصحيح انه تزوجها و هو حلال و ظهر أمر زواجها به و هو محرم ثم انه صلى الله عليه و سلم بنى بها و هو حلال
و روى الطبراني عن الزهري انها رضي الله عنها وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله تبارك و تعالى فيها : و امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين
و في البخاري ان ثابتا البناني قال : كنت عند أنس وعنده ابنة له
قال أنس : جاءت امرأة رسول الله صلى الله عليه و سلم تعرض عليه نفسها قالت : يا رسول الله ألك في حاجة ؟
فقالت ابنة أنس : ما أقل حياءها واسوأتاه واسوأتاه
قال أنس : هي خير منك رغبت في النبي صلى الله عليه و سلم فعرضت عليه نفسها - رواه البخاري
وكانت رضي الله عنها تسمى برة فغيره رسول الله صلى الله عليه و سلم الى ميمونة لان زواجه بها كان في المناسبة الميمونة الغراء التي دخل فيهل أم القرى مكة لاول مرة منذ سبع سنين و معه صحابته امنين لا يخافون
و قيل انها رضي الله عنها لما جاء الخاطب و هي على بعير القت نفسها عنه و قالت البعير و ماعليه لرسول الله صلى الله عليه و سلم
ميمونة رضي الله عنها في بيت النبوة
ذكر في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه و سلم كان في بيتها حين أشتد به الالم في مرض الموت فرضيت رضي الله عنها ان ينتقل حيث أحب الى بيت عائشة
و قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها وهي توعظ قريبا لميمونة رضي الله عنها : أما علمت ان الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه ذهبت و الله ميمونة و رمي بحبلك على غاربك أما انها كانت من اتقانا لله و أوصلنا للرحم بل ان من فضلها و كرامتها تلك الشهادة التي شهدها لها رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أخوتها فقال صلى الله عليه و سلم : الاخوات المؤمنات: ميمونة و أم الفضل و سلمى و أسماء بنت عميس
علمها و فقهها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها عالمة فقيهة فقالت يوما لحبر الامة ابن عباس رضي الله عنه –وهو ابن اختها-تعلمه عندما وجدته اشعثا قالت : مالك شعثا قال : أم عمار مرجلتي حائض
قالت: أي بني و اين الحيضة من اليد ؟ لقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يدخل على احدانا و هي متكئه حائض قد علم انها حائض فيتكئ عليها فيتلو القران و هو متكئ عليها او يدخل عليها قاعدة و هي حائض فيتكئ في حجرها فيتلو القران في حجرها و تقوم و هي حائض فتبسط له الخمرة في مصلاه
و قد بلغها مرة ان عبد الله بن عباس رضي الله عنها يعتزل فراش امرأته عندما تحيض فقالت له : أرغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ لقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينام مع المرأة من نسائه و ما بينهما الا ثوب ما يجاوز الركبتين
انكارها المنكر
يروى ان قريبا لها دخل عليها فةجدت منه ريح شراب فقالت : لئن لم تخرج الى المسلمين فيجلدوك لا تدخل علي ابدا
راوية احاديث
كانت رضي الله عنها راوية لاحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الذهبي : لها سبعة أحاديث في الصحيحين و انفرد لها البخاري بحديث و مسلم بخمسة و جميع ما روت ثلاثة عشر حديث
وفاتها رضي الله عنها
توفيت رضي الله عنها سنة احدى و خمسين على اكثر الاقوال وحملت علىالاعناق بأمر ابن عباس و قال : ارفقوا بها فانها امكم وصلى عليها ابن عباس و دفنت بسرف و قد دفنت في موضع الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم رحم الله ام المؤمنين ميمونة و جزاها عنا خيرا و جمعنا و اياها برسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنة ان شاء الله
ماريا القبطية
السيدة ماريا القبطية رضي الله عنها
نسبها رضي الله عنها
هي ماريا بنت شمعون المصرية ولدت رضي الله عنها في صعيد مصر في قرية تدعى حفن الزاقعة على الضفة الشرقية للنيل تجاه الاشمونين و قد ولدت لاب قبطي و أم مسيحية رومية و قد أمضت رضي الله عنها شبابها الباكر في قريتها الى ان انتقلت الى بيت المقوقس عظيم القبط و ملك مصر
و كان النبي صلى الله عليه و سلم قد أرسل حاطب بن ابي بلتعة يحمل رسالة الى المقوقس فكان رد المقوقس ... اما بعد فقد قرأت كتابك و فهمت من ذكرت و ما تدعو اليه و قد علمت ان نبيا قد بقي و كنت أظن ان يخرج بالشام و قد أكرمت رسلك و بعثت لك بجاريتين لهما مكان من القبط عظيم و كسوة و مطية لتركبها و السلام عليك
ودفع المقوقس بالكتاب الى حاطب معتذرا بما يعلم من تمسك القبط بدينهم و موصيا اياه بأن يكتم ما دار بينهما فلا يسمع القبط منه حرفا واحدا و كانت الجاريتين هما ماريا و أختها سيرين كما ارسل المقوقس عبد خصي اسمه مأبور و الف مثقال ذهب و عشرين ثوبا لينا من نسيج مصر و بغلة شهباء اسمها دلدل و بعض من عسل بنها و بعض العود و المسك وصل الركب الى المدينة سنة سبع من الهجرة وقد عاد النبي صلى الله عليه و سلم من الحديبية بعد ان عقد الهدنة مع قريش وتلقى هدية المقوقس و اصطفى النبي صلى الله عليه و سلم ماريا واهدى سيرين الى شاعره حسان بن ثابت
ماريا في بيت النبوة
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يهتم بالسيدة ماريا اهتماما كبيرا وكان كثير التردد عليها رضي الله عنها قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها : ما غرت على امرأة الا دون ما غرت على ماريا و ذلك انها كانت جميلة جعدة
و لا تخفى المقارنة بين السيدة ماريا رضي الله عنها و السيدة هاجر التي كانت ايضا هبة لابراهيم صلى الله عليه و سلم فاكرمها الله تعالى بأمومتها لإسماعيل عليه السلام و ما ان جاء العام الثاني للسيدة ماريا في بيت النبوة الا وقد شعرت بوادر الحمل فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم و سرعان ما سرت البشرى أن المصطفى صلى الله عليه و سلم ينتظر مولودا له من ماريا القبطية
وكانت السيدة ماريا رضي الله عنها تسكن في منطقة العالية بضواحي المدينة حيث الخضرة احتراما لكونها جاءت من بلاد النيل حتى لا تشعر بوحشة وكان صلى الله عليه و سلم يسهر عليها يرعاها في حملها حتى وضعت رضي الله عنها فانطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم لها فقال قائل : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم منطلق الى مولاته فقال صلى الله عليه و سلم : اعتقها ولدها فزارها رسول الله صلى الله عليه و سلم و احتضن ابنه ثم خرج للمسلمين و قال لهم : ان الله رزقني غلاما وقد أسميته على أسم ابي ابراهيم
واختار النبي صلى الله عليه و سلم مرضع لولده و جعل في حيازتها قطعة من الماعز كي ترضعه بلبنها اذا شح ثدياها
الافك الجديد
ما وجد المنافقون رسول الله صلى الله عليه و سلم يحب ويكرم احدى نسائه حتى سارعوا بالتقول عليها ظلما و حقدا كما حدث مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فلما وجد المنافقون حب رسول الله صلى الله عليه و سلم لأم ابراهيم روجوا لحديث افك جديد واتهموها ظلما و عدوانا مع العبد الذي ارسله المقوقس معها في الهدية و كان هذا الحديث شديد الوطأة على رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يتخل الله تعالى عن السيدة ماريا رضي الله عنها بل اتاح لها دليلا قاطعا على برائتها فقد فذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم الى العبد فراه مجبوبا ليس له ذكر فعاد رسول الله فقال : انه لمجبوب
وقال صلى الله عليه و سلم : الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت
وفاة ابراهيم
و كان النبي صلى الله عليه و سلم يرقب ابنه و هو ينمو يوما بعد يوم و لكن ابراهيم عليه السلام مرض و لم يبلغ العامين من عمره فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم معتمدا على عبد الرحمن بن عوف لشدة المه فحمل صغيره من حجر امه و هو يجود بنفسه ووضعه في حجره محزون القلب ضائع الحيلة لا يملك الا ان يقول في اسى و تسليم : انا يا ابراهيم لا نغني عنك من الله شيئا ثم ذرفت عيناه و هو يرى ولده يعالج سكرات الموت و يسمع حشرجة احتضاره مختلطة بعويل الام الثكلى و الخالة المفجوعة
و عن انس بن مالك رضي الله عنه قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم على ابي سيف القين و كان ظئر ا لابراهيم عليه السلام فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم ابراهيم فقبله و شمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك و ابراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم تدمعان فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : و انت يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : يا بن عوف انها رحمة ثم اتبعها اخرى فقال صلى الله عليه و سلم : ان العين تدمع و القلب يحزن و لا نقول الا ما يرضي ربنا و انا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون
و توفي ابراهيم عليه السلام في العاشر من ربيع الاول سنة عشر من الهجرة ثم نظر الى ماريا في عطف و رثاء وقال يواسيها : ان ابراهين ابني وانه مات في الثدي و ان له لظئرين تكملان رضاعته في الجنة واقبل ابن عمه الفضل بن عباس رضي الله عنه فغسل الصغير وابوه صلى الله عليه و سلم جالس يرنواليه في حزن و حمل الى بيت ظئره على سرير صغير و صلى عليه ابوه صلى الله عليه و سلم و كبر اربعا ثم سار وراءه الى البقيع و اضجعه بيده في قبره ثم سوى عليه التراب و نداه بالماء
واعتكفت ماريا في بيتها تحاول ان تتجمل بالصبر حتى لا تنكأ الجرح في صدر رسول الله صلى الله عليه و سلم فاذا عز الصبر انطلقت الى البقيع فاستروحت لقرب فقيدها و التمست الراحة في البكاء
وقد صادف يوم وفاته كسوفا للشمس فقال الناس : انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج معلم البشرية صلى الله عليه و سلم فصلى بالناس صلاة الكسوف و قال : ان الشمس و القمر ايتان من ايات الله لا ينكسفان لموت احد و لا لحياته فاذا رأيتم ذلك فادعوا الله و كبروا و صلوا و تصدقوا
فضلها العظيم رضي الله عنها على شعب مصر
وإكراما السيدة ماريا رضي الله عنها و ابنها ابراهيم عليه السلام قفد أوصى رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين خيرا بشعب مصر فقال صلى الله عليه و سلم : انكم ستفتحون ارضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فان لهم ذمة و رحما – صحيح مسلم- باب وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم بشعب مصر
وفاتها رضي الله عنها
ما أهل ربيع الاول من العام التالي لوفاة ابراهيم عليه السلام حتى توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و عاشت السيدة ماريا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس سنوات عاشتها في عزلة عن الناس لا تكاد تلقى غير أختها سيرين و لا تكاد تخرج الا لكي تزور قبر الحبيب بالمدسجد او قبر ولدها بالبقيع
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحشد الناس لجنازتها ثم صلى عليه و دفنت رضي الله عنها بالبقيع
رحم الله ماريا نعم الام المؤمنة الصابرة في اصعب المحن و الحقها رضي الله عنها برسول الله صلى الله عليه و سلم و بابنها في الجنة والحقنا بهم جميعا ان شاء الله
مواضيع مماثلة
» ذكر إسحاق بن إبراهيم الكريم ابن الكريم عليهما الصلاة والسلام
» ثوبان مولى الرسول
» الصحابة واتباع الرسول
» أم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
» ثوبان مولى الرسول
» ثوبان مولى الرسول
» الصحابة واتباع الرسول
» أم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
» ثوبان مولى الرسول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس ديسمبر 15, 2016 3:14 am من طرف nor2006
» أشد السور لتعذيب المس العاشق واهلاكه واخراجه بدون عوده
الإثنين يناير 25, 2016 6:42 pm من طرف KSAal3nze
» رقيه شرعيه mp3 بصوت خالد الجليل
الإثنين يناير 25, 2016 6:30 pm من طرف KSAal3nze
» رقية تثبيت الحمل ( مكتوبة )
الأحد أغسطس 23, 2015 3:48 am من طرف KSAal3nze
» رقية فك الحصون المتخفي المتحصن بالجسد أحمد العجمي
الأحد أغسطس 23, 2015 3:43 am من طرف KSAal3nze
» أقوى رقيه مجربه للشيخ أحمد العجمي أيات الحرق والعذاب
الأحد أغسطس 23, 2015 3:42 am من طرف KSAal3nze
» آيات الحصون
الأربعاء أبريل 08, 2015 6:21 pm من طرف nor2006
» الرقيه الشرعيه الشديده لـ إحضار وحشر وطرد وحرق الجن
الأحد يناير 25, 2015 4:41 am من طرف said1
» رقيه تعطيل الزواج بصوت االشيخ ماهر المعيقلي 5ساعات
السبت أغسطس 30, 2014 12:10 am من طرف KSAal3nze